لو كنتُ شيئًا ظاهرًا
لرأَيتُني
ولصارَ لي حجمٌ صغيرٌ
كالنتوءِ على خُدودِ شُجيرةٍ
فأَعيقُ عنها حُبَّ شـمسٍ
أَو مَكارِمَ غَيمةٍ
لكنَّني
صادرتُ أَسـمائي الكثيرةَ
وانتميتُ لعزلةٍ
فَــ حَـميتُ أَشجارَ الـمدينةِ
من شظايا رحلتي
وزرعتُ قلبي في أَكفِّ ضَراعتي
ورفعتُهُ
مُتنكِّرًا لـحديقتي
والعيدِ
والـجمعِ الغفيرِ على صَوامِعِ موسمٍ
لا ينتهي
إِلا إِذا بلغَ الـحصادُ أَشُدَّهُ
وغدا فتيًّا صانعًا
لِلمُحتوى
جرحٌ وصبرٌ غائرٌ
يتنافسانِ على شرودي
في الغيابِ
فلا أَرى بِكِليْهِما
إِلا صراعًا لاجئًا لي
كي يشيخَ بِعُزلتي
كسفينةٍ غَرقتْ بِـحربٍ
شنَّها الـملحُ اللعينُ
على العيونِ فأَغرقتْ قُبطانَـها
لِتُخَلِّصَ الشطآن من وزنِ الصدى
وتُـحرِّرَ الأَمواجَ من تَبَعِيَّةٍ
عمياءَ تَفرضُها الرتابةُ
في شروطِ البَوْصلةْ
أَو مثلَ طيرٍ لاجئٍ
طارَ انتقامًا من ترابٍ ظامئٍ
لِيموتَ حرًّا عندَ صخرٍ ظامئٍ
فوقَ التلالِ
لكي يُـحاكي قمَّةً
جرداءَ
أَهـمَلَها الشتاءُ
وأَهـملَتْها الأَدعيةْ
هي صورةُ الرمَقِ الأَخيرِ
مع ابتسامةِ راحلٍ
تنساهُ رحلتُهُ كثيرًا
مثلَ طفلٍ تائهٍ في الـمهرجانِ
لأَنَّهُ
لـم يُـمسِك الكَفَّ الـحنونَ
وأُمُّهُ نَسِيتْ يَديْها والعباءَةَ
في الكَفنْ
عُمرٌ كتوأَمِ غُربةٍ
و كَــ سربِ نـملٍ جائعٍ
يـمشي سريعًا
حاملًا حَبَّ الشعيرِ
إِلى الـحياةِ القادِمةْ
ويـموتُ فوقَ مؤونةٍ خَبَّاها
وتظلُّ حبَّاتُ الشعيرِ مَلولَةً
من عزلةٍ تَـحتَ الترابِ
وبانتظارِ خُروجِها في شَتوةٍ
لِتُعِدَّ للنملِ الـجديدِ بَناتَـها
عادتْ من الوأْدِ الثقيلِ
كما تـجيءُ حَـمامةٌ من بيضَةٍ
وكما تعودُ وُريقَةٌ
إِن ماتَ قاتِلُها الـخريفُ
لغُصنها
عادتْ مع الزخَّاتِ
ساخرةً
من النملِ الذي لـمْ ينتبهْ
وقتَ “الـخطيفةِ”
أَنَّ صمتَ خُشوعِها
استسقاءُ ربِّ العرشِ في صَلَواتِـها
من يُدركُ النورَ الـمُخَبَّأَ
في ثنايا عزلةٍ موقوتةٍ
في عُمقِ حَبَّاتِ الشعيرِ الــ آمَنَتْ
بالـماءِ
ثُـمَّ رُجوعِها ؟
أَو يُدركُ العمرَ الـمُخَبَّأَ
في ثنايا عُزلةٍ موقوتةٍ
في عُمقِ نفسٍ آمَنتْ
أَنَّ الترابَ نُشوؤُها عند البدايةِ
والترابَ نديـمُها عند النهايةِ
والـحياةَ ضرورةٌ معزولةٌ
طولَ الطريقِ
من الترابِ إِلى الترابِ
لأَنَّـها العتبُ الصموتُ
على
الغيومِ
الـمُقفرةْ ؟