فاتن فوعاني
ما بين الأمينَين
الأمين الخالد والأمين المُتَجاوِز
رحلَ أمين الرّيحاني، فيلسوف الفريكة عام ١٩٤٠، ووُلِد أمين ألبرت الرّيحاني عام ١٩٤٢. عامان، في غياهب العالم الآخر، شَهِدا لقاء الأمين الأوّل بالأمين الثاني. وإذا صدقَ “خالد”، في رواية أمين الريحاني الشّهيرة، إذ قال:” ثمّة قدرة لا متناهية للرّوح في كلّ واحدٍ فينا، إذا ما تمكّنت من تطوير ذاتها بعفويّة وحريّة، وثمّة قدرة للجمال في كلّ روح من أرواحنا، إذا ما تمَّ استحضارها في الوقت المناسب، وعبر الكلمة المناسبة، والصّوت المناسب، واللّمسة المناسبة.” ومَن أعظمَ من الأمين الأوّل في استشفاء الجمال واقتناص اللّحظة المناسبة ولو كان ذلك في عالم الغيب؟ ومَن أبرعَ من الأمين الثّاني في انتقاءِ الكلمة المناسبة والصّوت المناسب ولو كان لا يزال نطفةً، تبحث عن كوة خروجها إلى العالم الإنسانيّ؟
عامان ضمّا الرّيحاني الأوّل والرّيحاني الثّاني، في حديقةٍ ما في العالم الآخر. حديقةٌ أشبه بوادي الفريكة حيث وجد الأمين الأوّل الله. تغلغل الأمين الصغير في حجرِ عمّه، يستعطيهِ أسرار هذا الكون. يلينُ قلب الأمين الكبير فيتلو عليه صلوات التمرّد ونجوى الترقّي الرّوحي. يغفو الأمين الصغير، لِيَستفيقَ في الخامس من شهر تموز بين أحضان والده ألبرت. على “ملفَّته” عطر عمّه وفي “الزنّار” الّذي يعصر صرّته عصارة حياة الأمين الأوّل
ما بين الأمينينِ فروسيّةٌ وصهيلٌ: الفروسيّةُ للأمين الأوّل والصّهيل للأمين الثاني. ما بين الأمينينِ خلودٌ وتجاوزٌ: الخلود للأمين الأوّل والتجاوز للأمين الثاني. ما بين الأمينينِ قصّةٌ ريحانيّةٌ، وُلِدت في ربوع الشاوية فالفريكة، لِتُطربَ أسماعنا، فنغفو على حلمِ لبنانٍ جميلٍ
إلى أمين ألبرت الرّيحاني، الأمين المُتجاوِز للعصور، في ذكرى ميلاده
“اليوم، وفي لحظة التجلّي وبرهةِ الضياء، في سرّ التألّق ونبض الإسراء
خرجتَ من رحاب المحابر والمنابر إلى سعةِ قلوب الناس
خرجتَ من قمقم الذكرى إلى فضاء الأماني المستحيلة