مها ريا
مثلَ حلمٍ أو خيالِ
خاطرٌ مرَّ ببالي
حطَّمَ الصَّمتَ المُدوِّيْ
في دهاليزِ الليالي
ثمّ عن عينيَّ غابْ
بينَ أكوامِ السّحابْ
..
لست أدري ما اعتراني !
ما الذي هزَّ كياني؟
كيف دمعي في ثوانٍ
سال حرّاً بانسيابْ
..
ما الذي فينا تبدَّلْ ؟
كلُّ شيءٍ صار أُثقل !
بهدوءٍ رحتُ أسألْ :
هل بذورُ الخوفِ أمستْ
في الحنايا
مثلَ عيدانِ الثّقابْ؟
..
إن أتينا في زمانٍ غير هذا !
يا تُرى كنّا مضينا ؟
في دروبٍ لا نبالي
نقتفي خيطَ السَّرابْ ؟
..
كحُفاةٍ راكضينَ ..
خلفَ حلمٍ لاهثينَ ..
نلحقُ الآمالَ إمّا
بعثرتْها الرِّيحُ فينا
أو رمتها في الخرابْ …
..
كيف نرفو جوربَ التّاريخِ
حتّى نحميَ الرِجلَ التي قاست
مشقّاتِ الذّهابْ
هلْ سيكفي للإيابْ ؟
..
كمْ حلمْنا باصطيادِ النّجمِ يوماً
حين كنّا في اندفاعاتِ الشبابْ !
و بنَينا مِن صروحٍ !
كي تنامَ الشّمسُ فيها
كلّما حلّ الغيابْ !
..
يا لأهوالِ الحروب
كسّرتْ كلَّ القلوب
أغلقتْ جُلَّ الدّروب
كتمتْ صوتَ الرّبابْ
..
ليت أنّ الرِّيحَ تغفو
بين أحضان السّحابْ
والرُّؤى تغدو وتُمسي
في تلافيف اليباب
..
ها هو العمرُ يجرُّ
الخيبةَ العظمى
وأذيالَ الأماني
بين أكوامِ البقايا والحطامِ
تائهاً يجترُّ أضغاث السراب
..
مرَّ بالأمسِ الغرابْ
فوق هاتيكَ الهضابْ
ساعدَ القاتلَ كي يُخفي أخاهُ
حين وارى سوءةً تحتَ التّرابْ
..
ربّ جيلٍ ذاتَ يومٍ
قدْ يُعرُّي كلّ أشباح الخرابْ
حينها يأتي الجوابْ .