
ماذا فيكِ يا مرآة؟ فيكِ أنا وكلُّ ما ليس أنا. ورائي صخب الحياة، وأمامي سكون جسدي وعجزه. وأنا بينهما مسجونةٌ في كرسيِّي المتحرِّك عاجزةٌ عن المشي والحركة. جسدي جاوز السَّبعين من العمر وقلبي نابضٌ لم يقهره جبروت العمر.
ماذا فيكِ يا مرآة؟ فيكِ تختال الحقيقة العاهرة، وينكشف انكسار الرُّوح، ويغدو العمر فُتاتًا لا قيمة له. لا تشبهينني يا مرآة. فأنتِ صورةٌ حيَّةٌ متجدِّدة. أمَّا أنا فكبرياءٌ محطَّمٌ وظلٌّ مهجور.
هذا الكلام لم يسمعه أحدٌ إلَّا المرآة، فصاحبته امرأةٌ منسيَّةٌ كانت في شبابها أيقونةً في الجمال. وها هي اليوم – وحيدةً – تجوب أزقَّة حياتها بحثًا عن أمل… تقول في نفسها: لو أنَّ عقلي الآن في جسدي الشَّابّ، لو أنَّني أملك القوَّة والشَّباب. والزَّمان يقول لها: لا تحلمي، فكلمة “لو” لا مكان لها في الحياة… وبينما هي مأخوذةٌ في عالمها، إذا بالمكان يتغيَّر وبالزَّمان يتبدَّل. يدور الكون حولها ويرجع سبعين سنةً إلى الوراء فتجد نفسها طفلةً صغيرةً في منزل والدَيها. أمامها الآن فرصةٌ جديدةٌ لتعيد رسم حياتها بشكلٍ مختلف. فكيف ستعيش؟ ماذا ستمحو؟ وماذا ستُبقي؟
ها هي طفلةٌ مرتاحة البال تلهو سعيدة. تمسك بيديها دميتها الجديدة. تلعب بالطَّابة. تمشي على الشاطئ، وتتلمَّس الرِّمال بجسدها. “جميلةٌ ألعاب الطُّفولة وبراءتها” قالت في نفسها. ثمَّ أخذت سلَّتها الخالية لتضع فيها ما تراه مناسبًا من كلِّ مرحلةٍ من عمرها. وأوَّل شيءٍ قرَّرت الاحتفاظ به كان فرح الطُّفولة. أمَّا البراءة فستتخلَّى عنها، ستخلعها عند عتبة المراهقة. كيف لا؟ والحياة تشهد أن لا أحد بريء.
كانت خطواتها ثقيلةً في سِني المراهقة. لم تشارك في عرض الأزياء الَّذي دُعيَت إليه. لم تُقبِّل الشَّابَّ الَّذي أحبَّت، لم تكلِّمه حتَّى. كان الخجل العائق الأكبر في حياتها. فكان خيارها أن تنزع صفة الخجل من شخصيَّتها وتحلَّ محلَّها صفة الجرأة. وهذا ما كان. أمسكت سلَّتها وألقت فيها صفة الجرأة. فالحياة علَّمتها أنَّ الجرأة ليست شرطًا ضروريًّا للنَّجاح فحسب، بل هي الخطوة الأولى لتحقيق الأهداف والأحلام. وهكذا خطت خطواتها بثباتٍ في عالم الموضة والشُّهرة فصارت وجهًا بارزًا يحلم به كلُّ الرِّجال. أحبَّت وتزوَّجت وأنجبت طفلةً ثمَّ انفصلت عن زوجها.
وفي سنِّ الثَّلاثين التقت رجلًا أحبَّته بشدَّة. هذا الرَّجل لم تصارحه بحبِّها في حياتها الأولى بسبب تردُّدها وخجلها. وكان نصيبها أن تزوَّجت زواجًا تقليديًّا مملًّا. أمَّا وقد أتيح لها الآن أن تعيش حياتها مرَّةً جديدةً فكيف ستتصرَّف؟
القصَّة بدأت في ليلة شتاءٍ باردةٍ بعد يوم عملٍ طويلٍ. كانت تقلِّب المحطَّات التلفزيونيَّة، لا تبحث عن برنامجٍ محدَّدٍ، لكنْ بضع دقائق تسليةٍ فقط. لم تكن تعلم أنَّ قصَّةً جميلةً ستبدأ اللَّيلة، وأنَّ الدَّقائق القليلة ستلِد سنين كثيرة… وجهٌ جميلٌ ظهر على الشَّاشة تراه للمرَّة الأولى. كان ممثِّلًا مشهورًا لا تعرفه، فهي لا تهتمُّ كثيرًا بالمسرح ومشاهدة المسلسلات. مرَّ عامٌ كانت فيه مشغولةً في عملها، لكنَّ ذلك الوجه كان يلازمها، وفي الليالي يطلُّ من نافذة ذاكرتها. أيُعقَل أنْ يبقى محبوسًا في عقلها، ألّا تراه بعينَيها المتلهِّفتَين؟ لا بدَّ من أن تتعرَّف إليه. كانت تتابع أخباره من بعيد. حاولتْ مرارًا التَّواصل معه، لكنَّه لم يكترث ولم يستجب. ماذا تفعل؟ لن تستسلم أبدًا، فهي واثقةٌ أنَّ المسافة بينهما مهما بلغت، هي، لشدَّة لهفتها، قصيرةٌ، قصيرةٌ جدًّا!
ومع أنَّها لا تتقن فنَّ الكتابة إلَّا أنَّها أرادت أن تدوِّن قصَّتها لنفسها، لا ليقرأها أحدٌ غيرها، بل لتنقش على الورق أحاسيسها فحسب، تلك الأحاسيس الَّتي امتدَّت سنواتٍ كثيرة.
كتبتْ: عرفتُ أنَّه سيُجري لقاءً صحافيًّا مفتوحًا للجمهور. أثارني الفرح وشغل كياني ووجداني. اليوم سأراه. ستتجلَّى الصُّورة رجلًا أمام عيوني. ركضتُ إلى المكان تسبقني أنفاسي ودقَّات قلبي وكنتُ أوَّل الواصلين. جلستُ في الصفِّ الأماميِّ أترقَّب حضوره. ما هي إلَّا دقائق قليلةٌ حتَّى امتلأت القاعة بالحاضرين. دخل ولمحني. فكَّر برهةً قبل أن يحيِّيني بإشارةٍ برأسه. عرفني في الحال بالرَّغم من أنَّها المرَّة الأولى الَّتي يراني فيها، لكنَّها لن تكون الأخيرة… لن أنسى ما حيَيْتُ النَّظرة الأولى، الاتِّحاد الأوَّل… كان الأزرق لونه المفضَّل، وصار منذ تلك اللَّحظة لوني. شاله الأزرق جذبني حتَّى إنَّني تمنَّيتُ أن ألمسه. رأيتُ في لقائه لهفة الآن وشغف الشَّهوة، شهوةٍ إلى اتِّحادٍ أبعد من اتِّحاد العيون، وعناقٍ أقرب من عناق الشَّال… جلستُ أصغي إليه بعيوني. فالعيون تقرأ وتسمع وتلاحظ وتعانق وتقول. كنتُ أغمره بنظراتي، وحواسِّي كلُّها مستسلمةٌ لكلامه وحركاته. انتهى اللِّقاء الصَّحفيُّ، وشعرتُ بنهايته بلوعةٍ وحزنٍ كبيرَين لأنَّ وجهه كان أجمل ممَّا تخيَّلت، وشخصيَّته أعمق ممَّا يظهر في أعماله التَّمثيليَّة ومقابلاته… وفي ليلة شتاءٍ صامتةٍ ردَّ على إحدى رسائلي، وطلب لقائي. لم أصدِّق! تحوَّلت ليلتي إلى أملٍ مشرقٍ صاخب. وكان اللِّقاء. غمرني وقبَّلني وصنع من مشاعري لعبةً جميلةً علَّقها بين أصابعه. كان يحرِّكها متى يشاء، وكانت تستجيب له لأنَّ الرَّغبة في أن تكون بين يدَيه كانت أقوى من أيِّ شيء.
أكثر من خمس عشرة سنةً مرَّت على لقاءاتهما وحبِّهما. ثمَّ كانت الصَّدمة. جذبته امرأةٌ أخرى. خانها. خذلها. أوَّل أمرٍ قامت به كان النَّظر إلى المرآة. ماذا فيك يا مرآة؟ فيك وجهٌ كئيبٌ خفتت نضارته وبهت شبابه. هل كبرت؟ هل أنا حقًّا لم أعد شابَّةً ولم أعد أفتنه؟ كيف استطاع أن يؤذيني ويخدعني؟ يبدو أنَّني لم أنجح في انتزاع صفة البراءة من شخصيَّتي… مَنْ هي تلك المرأة الَّتي سرقته؟ هل أحبَّها؟ لماذا هي بالذَّات؟ أنظر إليها فإذا هي جميلةٌ، جميلةٌ جدًّا، وشابَّةٌ، شابَّةٌ جدًّا. هي أصغر منِّي وأصغر منه. هو كبر وأنا كبرت. هو ملَّني وأنا ما زلتُ أرغب به. هو تجرَّأ فقسا عليَّ وأنا ما زلتُ طفلةً أغفو في حضنه. كيف استطاع أن يخون الحبَّ والعهد؟ أيظنُّ أنَّ الزَّمان خرَّب جسدي لكنَّه أغفله؟ أشعر بالظُّلم لأنَّني عاجزةٌ عن أن أرجع شابَّةً في أوَّل العمر. وأشعر بالخيبة لأنَّ حبِّي له كان أكبر منِّي وأصغر من أن يحفظه. أحببتُه أكثر ممَّا استطعتُ أن أحبَّ وهو أحبَّني وسْع سريره.
ثمَّ كانت المواجهة. وكان حديثٌ قصير. قالت له: أنتَ تعيش حياةً أخرى موازيةً لحياتنا، حبًّا آخر، تجربةً أخرى.
– هو: غير صحيح.
– هي: لن أسأل عن السَّبب ولن أقبل أيَّ تبريرٍ أو تفسير. كان بإمكانك الانسحاب في أيِّ وقتٍ لكنَّك اخترتَ التَّسلية والعبث. توهَّمتُ أنَّك مختلفٌ عن بقيَّة الرِّجال لكنَّكم متشابهون. يرى الرَّجل نفسه طاووسًا تُعجَب به جميع النِّساء ويعطي نفسه الحقَّ في تعدُّد العلاقات. كلُّ امرأةٍ بالنِّسبة إلى الرَّجل اكتشافٌ جديدٌ، تجربةٌ مختلفة. وهو بطبعه مولعٌ بكلِّ جديد. الخيانة صفةٌ في البشر كما يقول الشَّاعر: لِمَ لا أخونُ ولم أفِ أبدًا وأبي الزَّمانُ وأمِّي الدُّنيا.
– هو: تعرفين جيِّدًا أنَّني أحبُّك وتشعرين بذلك. إن رغبتُ بامرأةٍ غيرك سأتركك وأمضي. لكنَّ هذا لم يحدث.
– هي: بل حدث. أنتَ لا تدرك كم جرحتَني وآلمتَني وأتعبتَني. قلبي حزينٌ حتَّى الثَّمالة، وكبريائي مكسورٌ لا يقوى على تصديق خداعك.
– هو: سترحلين؟
لم تُجب. قبَّلته وخرجت من منزله. لم تكن قويَّةً ولا جريئةً ساعة الرَّحيل فشعورها بالهزيمة كان أكبر من أيِّ شيء… كانت قدماها ثقيلتَين لحظة العبور إلى ضفَّة الفراق. كان الحزن يلفُّها والألم يحطِّم ملامحها. وعند الوداع وضعت يدَيها على عينَيها لعلَّها تحجب لوعتها وحرقتها. تذكَّرت حينها نصيحة صديقها: “لا تلتفتي إلى الوراء”… مشت ومشت ومشت وهي تردِّد أغنية فيروز “بكتب إسمك يا حبيبي”.
عادت إلى مرآتها تتأمَّل فيها وتقول: ماذا فيك يا مرآة؟ فيك وجهٌ جميل. نعم ما زلتُ جميلةً ومرغوبة. لن أيأس. أمسكت سلَّتها ووضعت فيها صفة الأمل… وفي عصر ذلك اليوم سارت بين سنابل القمح وركضت ولعبت. فالسَّلَّة فيها فرح الطُّفولة.
تجارب حبٍّ عديدةٌ عاشتها لم يكن الحبُّ حاضرًا فيها، فقد كانت مجرَّد محاولاتٍ لتنسى جرحها وتهدِّئ صوت الأنثى في داخلها. لكن هل يستطيع رجلٌ أن يرمِّم ما أفسده حبُّ ذاك الَّذي أحبَّته دهرًا؟ لطالما كانت تردِّد له: أنتَ حبُّ حياتي ونقطة ضعفي… هي في كلِّ الأحوال لم تندم أبدًا على حبِّها له. فالحياة قصيرةٌ لا متَّسع فيها للتَّردُّد في أن نفعل ما نحبّ… يكفيها أنَّها عاشت معه قصَّةً جميلةً في كلِّ تفاصيلها. إن أرادت يومًا أن تحكيها ستكتب في مطلعها: أجمل قصص الحبِّ تلك الَّتي لم تُرْوَ!
مرَّت أشهرٌ وسنوات. ابنتها الوحيدة تستعدُّ للزَّواج. في قلبها فرحٌ وحزنٌ ممزوجَان… طفلتها الصَّغيرة لم تعد طفلة. ها هي تغرِّد بعيدًا عنها. صعبٌ أن تمرَّ بجانب سريرها فلا تجد غير رائحتها. مؤلمٌ الانفصال. هو الانفصال الثَّاني. الأوّل كان عند الولادة. لكن هل هو حقًّا انفصال؟ أوَليس حبل السُّرَّة يبقى متَّصلًا بين الأمِّ وطفلها بعد الولادة، كما يذكر اسكندر نجَّار في كتابه ميموزا؟! يقول: «بين الأمِّ وطفلِها، الرَّابطُ أعمقُ من مجرَّد حنان. فهناك حَبلُ السُرّة الذي، مَعَ أنَّهُ قُطِعَ عندَ الولادة، يَستمِرُّ في وَصلِهِما رُوحيًّا. هناكَ هذه الأشهرُ التِّسعَةُ من الحَبَل التي يكونُ الطِّفلُ خلالَها جزْءًا من أمِّه، مثلَ رئَتِها أو كِلْيَتِها. في داخلِ جِسمِها، يوجَدُ قلبٌ آخرُ يخفقُ، جَسَدٌ آخرُ يتحرَّكُ، كائنٌ ينمو ويتطوَّر».
كانت دائمًا تقول لابنتها: أنتِ حبِّي الأوَّل، حبِّي الحقيقيّ، حبِّي الأبديّ… في حياتها السَّابقة كرَّست وقتها لها بعد الطَّلاق. فهل ستغيِّر الآن؟ أيُّ سؤالٍ هذا! الاحتمالات كلُّها ساقطة. جوابٌ واحدٌ فقط: لا شيء أسمى من الأمومة ومن حبِّ الأمِّ لأطفالها… لا مجال لمقارنة حبِّ المرأة لطفلها بحبِّها للرَّجل، وإن كان في حبِّه شيءٌ من الأمومة. وفي المقابل لم يُنسِها حبُّ الحياة أو ابنتها أو نجاحاتها أو أفراحها أو علاقاتها الغراميَّة الكثيرة حبَّ حياتها. فالحياة لو عاشتها بصحبته لكانت أجمل…
وحدث أن التقيا بعد سنوات. ما زال كما عهدَته وسيمًا. وهل يمكن أن يرى العاشق غير ذلك؟! لم تسأله عن العمل ولا عن الأولاد. لم تكلِّمه حتَّى! نظرت إلى شاله الأزرق وقالت له: هل ما زال يذكرني؟
– هو: لم يكن عناقٌ أحنُّ من عناقك ولا لمسةٌ أصدق من لمستك.
– هي: هل حزِن أو ندِم على فراقي؟
– هو: كان يعرف قيمة حبِّك وإن جرحك.
– هي: هل هو سعيد؟
– هو: هو كما عرفتِه.
غادرت وهي تلملم حسرتها ففي مكانٍ ما في قلبها ما زال حبُّه ساكنًا. والخاتم الَّذي أهداها إيَّاه يومًا، ولم تخلعه أبدًا، لم يكن محجوزًا في إصبعها بل كانت هي محجوزةً فيه. كان حبُّه سجنًا لم تستطع أن تتحرَّر منه أبدًا.
سبعون سنةً مضت وها هي تجلس أمام مرآتها تتساءل: ماذا بعدُ؟ هل من غدٍ لامرأةٍ بائسةٍ مسجونةٍ على كرسيٍّ متحرِّكٍ؟ إذا بالمرآة تكشف لها صورتها بعد سنتَين وهي تسير وتجري. لمعت عيناها كطفلٍ يفتح الهدايا ليلة العيد. أخذت تردِّد: يوجد أمل. يمكنني أن أجد أنيسًا بل حبيبًا يرافقني في مشوار حياتي. هي تؤمن بضرورة الحبِّ في حياة البشر؛ فبدون عاطفة الحبِّ لا يتهيَّأ لأحدٍ إتيان الأعمال الجليلة الجميلة، كما يقول أفلاطون. فكَّرت في دعوة جارها لها إلى العشاء. كم فرحت عندما قال لها مرَّةً تبدين اليوم جميلة! فهل تجاريه؟ تذكَّرت قول صديقها لها: “عانقي اللَّيل إن خفتِ منه”.
نظرت مرَّةً جديدةً إلى مرآتها وسألتها: ماذا فيك يا مرآة؟ فيك وجهٌ أرهقته السُّنون وهزمه الزَّمان. فيك وجهٌ يحمل مشاعر أنثى تأبى أن تكبر أو تشيخ… عندما أنظر إليك أدرك أنَّ الزَّمان عدوٌّ للجمال والحبّ… أنتِ الحقيقة العارية وأنا الوهم الجميل…
يمضي الوقت. نكبر. نفقد الجمال والشَّباب. نحلم ونتخيَّل: لو أنَّ عقلنا الآن في جسدنا الشَّابّ… والزَّمان يقول لنا: لا تحلموا، فكلمة “لو” لا مكان لها في الحياة…
القصَّة الَّتي سردتُها ليست خيالًا يتجاوز الممكن والواقع. ليست حكاية امرأةٍ فحسب. هي حكاية الإنسان في صراعه مع الزَّمان. هي قصَّة السُّؤال عن الحياة ومغزاها، والحبِّ ومعناه، والجمال وقيمته. هي قصَّة العلاقة الجدليَّة بين الحبِّ والجمال والعمر… هل الحبُّ مرهونٌ بشخصٍ واحدٍ؟ هل كلُّ إنسانٍ هو نصفٌ ناقصٌ لواحدٍ كاملٍ موجودٍ في مكانٍ ما في العالم، وغاية كلِّ إنسانٍ هي البحث عن نصفه الآخر، كما يقول أفلاطون؟ أليست رغبة الإنسان في الشَّباب والجمال الدَّائمَين حلمًا يشبه حلم جلجامش في الخلود؟ هل الحياة بتناقضاتها الكثيرة وقسوتها المريرة وجمالاتها السَّاحرة تستحقُّ أن تُعاش مرَّةً ثانية؟ ألا يُحتمَل أن تصير حياتنا شبيهةً بحياة الأسطورة اليونانيَّة سيزيف إن نحن خدعنا الموت وغلبناه؟ والأهمُّ هل ينسينا مجون الحياة عبثيَّتها؟
الدكتورة نادين عبَّاس: مديرة “مركز لويس بوزيه لدراسة الحضارات القديمة والوسيطة” في معهد الآداب الشرقيَّة التابع لكلِّيَّة الآداب والعلوم الإنسانيَّة في جامعة القدِّيس يوسف – بيروت.
Nadineabbas18@gmail.com
المصدر: https://www.darelmachreq.com/