يوميات عزة المقهور (3)
ثلاث مقاعد جلدية خضراء واسعة أمام ثلاث مرايا مستطيلة يجلس عليها ثلاث زبائن رجل وامرأتان، ومن خلفهم يقف ثلاثة رجال يتسلحون بأحزمة جلدية حول خصرهم بها أنواع من المقصات والامشاط.
وقفت أمام الواجهة الزجاجية العريضة حيث لفت نظري طوب الجرانيت الأحمر لجدران المحل
ضحك لي الأشقر وهو يلف الكرسي بزبونه باتجاهه كي يكون تحت يديه تماما، واومئ لي بالدخول
ابتسمت إليه ولم أدخل
كان الطوب الأحمر بارزا من الجدران لدرجة شعرت معه وكأنني بالداخل وهم خارج المحل ، فعادة ما يستخدم هذا النوع من الطوب للجدران الخارجية للمباني
كل منهم مشغول بزبونه.. يلاطفه ويحادثه. أما ذاك الاشقر النحيف فكان يطل علي بين الحين والآخر من خلال الزجاج
تعالي.. ادخلي ماذا تكتبين؟
دخلت
انا كاتبة التقط اللحظة
توقف إثنان منهم عن العمل واراحا ذراعيهما أما الثالث وهو أقصرهم قامة فكان مشغولا بقص شعر شقراء بسرعة إلى الحد الذي بدا لي وكأنه يتعامل مع شعر رجالي، كان يعض على شفته وهو منهمك في عمله
التفت الرجل الجالس نحوي وابتسم
هذه المدينة كل ركن فيها لقطة.. ستكتبين كثيرا
رفعا اياديهم وواصلا عملهما، وسط رنين المقصات وراديو يصدع بالأغاني التي تتخللها أخبار من حين لآخر
الأشقر النحيف يطلي شعر سيدة تجاوزت الستين ترتدي ملابس بسيطة ومتجانسة. بعد أن أنهى مهمة الطلاء رمى بالريشة كالرسام في إناء بلاستيكي، واقترب منها قائلا – علينا الانتظار 45 دقيقة.. قد تشعرين ببعض البرودة فلا تنرعجي
لم يكن في الحقيقة أشقر.. عيناه بنيتان غامقتان وشعره ملون
ايتها الكاتبة هل تريدين شاي أم قهوة
شاي سيكون رائعا
دخل الاشقر بابا خشبيا في زاوية المكان، أحضر لي كوبا من الشاي الأحمر
هل تريدين موعدا لضبط شعرك بعض الشيء.. كان يمرر أصابعه بين خصلات شعره
لا .. لا داعي لذلك.. فقط أعجبني المكان والطوب الأحمر الداخلي يعطي انطباعا أنكم بالخارج وأن المارين بالزقاق الضيق بالداخل
ضحك أوسطهم وهو أطولهم قامة وقال
هاقد فهمت السر.. التقطت اللحظة فعلا
ضحك الاثنان عدا القصير الذي زاد ضغطه على شفته وهو منشغل في قص ما للسيدة من شعيرات تقاومه دون جدوى
وأنا أهم بالمغادرة.. التفت إلي قصيرهم الذي كان منهمكا بعملية القص ولا يبدو متابعا لما جرى
أين ستنشرين عنا
ضحكت واجبته وأنا اضع قدمي بالخارج
في صفحتي الخاصة
أرخى شفته وتوقف عن القص وبدت على ملامحه خيبة أمل
عزة
19/ 5/ 2021