صباح فارسي
صباح العيد يا رشة الفرح
مساء العيد يا نثرة البهجة
كيف هو فجر العيد؟
هل زارت الضحكة مبسمك ولم تغادره؟
هل مرت ذكرانا بخاطرك فامتلأت بي فرحًا؟
أما عني فلم أخبرك يا خاطري عن تلك الساعة حين سمعت أغنيتنا للمرة الأولى، غنى طلال أغنيتنا الأولى (عشقت الليل)حتى يكتمل الحزن مع شجن طلال وسواد الليل وتصبح النجوم رسائل بارقة حارقة تهدُ تماسك اوتاد الروح وتعيدنا لخانة الوحدة، لا نقاوم لحظة الصدق بل نستمع بأرواحنا فارغة من كل شيءٍ وتتشابك حواسنا مع شين طلال الشائكة، ونتعلق بأطياف لثغة الراء و وعد بفرحة وسراب أمل ونكمل السير مع اللحن حتى بداية المساء، حتى منتصف الظلمة، حتى آخر الليل. نستجدي اللحن أن لا ينتهي دون أن يبعث لنا رسالة تطفئ ذاك الهجير ولا نعود إلينا قط، لا أحدٍ يعود من صوت طلال بل كلانا ظل غريبًا غربتين غربة جسد وغربة روح. لم أخبرك عن ألوان قزح في اول مقام البيات كيف هاجت وماجت طربا حين غنى طلال لنا، كل لون من قزح سابق الآخر ليزف فرحا مزركش لقلبي، تشابكت الألوان غبطة و بغتة لتجعلني في حالة سكر لذيذ لن أصحو منه، ليس بعد.
أتذكر أنني سمعت الأغنية جيدًا مرات ومرات، هل كانت المرة الأولى لي مع طلال !؟ حتى اسمعه بهذا الحزن والشجن والجنون. لم تكن قط كذلك ابدا. ولكن حروف الأغنية وقعت على قلبي ك تميمة فرح يشوبه حزن دمع عينيك المتحجر، تنزلت على أذني ك تعويذة حياة آخرى تبتدئ من مرمى صوتك الشجي حتى نهاية صدى نبضي ولا تنتهي. ك قطرات مطر حانية تربت على وجهي بحنو.
أتعلم يا خاطري أنني حاولت النوم ليلتها مرارًا وكلما فعلت، ثأرت حواسي ضدي تود أن تحتفل برقصة طرب حتى لو كانت رقصة مقام الصبا الحزين، ففي الحزن مسافة حياة واكسير بقاء.كلما حاولت الخروج من اللحن ومن مسافة الشوق في الأغنية سجنت بين راء طلال العذبة وبين شين طلال الشائكة وتحيرت أيهما أنتَ؟ بل كلاهما أنت.
وبعد حروب أمارسها ضدي، بعد رفض وقبول، بعد هدنة ومقاومة، أعود للحن وأستمع للأغنية ثانية وثالثة وعاشرة.. لعل أحد حروفها يخبرني عنك، عسى أحد كلماتها يأخذك في لحظة شوق إلى مقام الوله وتحضر لدي هكذا كما يحدث في قصص ألف ليلة وليلة يحضرك حارس الليل لقلبي ولا يقصيك عن شغافي قط، يحضرك حارس الأرواح عندي ويرصد أرواحنا فتبقى عالقة على نجوم الليل باقية في نسماته، شاهدة على لحظة تناغم لأرواحنا الهائمة في مدارج فلك ما، لحن ما، تعويذة لهفة ما. وتبقى هكذا كلما ارتشف المحبين كؤوس اغنيات طلال طائعين قلوبهم السكرى في لحظة شغف والهة وننصت معهم لطلال يقيم علينا طقوس الليالي العاشقة، ونقول بخضوع المحبين سمعا و تبتل يا قلب سمعا وتبتل ياقلب:
” عشقت الليل من شـــانه ونسـمة نجد ودلاله
ومن ذاق الهنا في قربه جميع الكون يحلاله
عشقت الليل أنا عشقته
عشقت الليل ونجومــه بتشهد والقمر شاهد
وأنا وأنت في ستر الليل أعـــاهد وأنت بتعاهد
وقلنا يا ليلنا اشتقنا”
صباح فارسي
رسائل لا تصل