من بين كل الفيديوهات التي نشاهدها يومياً، كان المشهد أشبه
بحلم متكسر، مبانٍ كانت يومًا ما تحمل ذكريات ودفئًا، أصبحت الآن مجرد أنقاض تنبض بالصمت.
الغبار يخيم بشحوبه على المكان، كأنه ستار رمادي يخنق كل لون وكل حياة. هنا تحت الركام، تتناثر ألعاب الأطفال، كرة قدم تستريح بلا صاحب ذلك الطفل الذي بنى أحلامه معها لكي يصبح لاعب كرة مشهور، على الجانب الآخر دمية مبتورة الأطراف تراقب الصمت بعينٍ زجاجية.
دبٌ صغير تخرج منه حشوته مقطوع الرأس الى جانبه دمار هائل
يمر الشاب بدراجته النارية بين الأنقاض، والناس تراقب وتطلب منه تصوير زاوية تدّل على منازلهم، تلك الزوايا التي لطالما احتضنت شباب المنطقة، تلك الزوايا التي استدل عليها رفاق لهم اتوا لزيارتهم من مناطق أخرى ليتشاركوا ذكرياتهم. الكل يراقب عيونهم تسأل قبل ألسنتهم، أين بيوتنا؟ أين صور عائلاتنا؟
وبين كم هائل من الأسئلة عن أسماء شوارع ومحال وأماكن امرأة تقول “هل يمكنك أن تصور لي المقابر؟” قالتها بصوت خافت، وكأنها تخشى أن تخدش هذا الصمت الرهيب. “أريد أن أرى قبر أمي… أريد أن أتحدث إليها، ربما تسمعني.”
لعلنا خضنا الحرب مع عدو لم يترك حتى للموتى سكينتهم وراحتهم!!
كل شيء يبدو معلقًا بين الماضي والحاضر، بين الحياة والموت. الأرض تنبض بألم لا يُرى، والجدران التي كانت تروي قصصًا في يوم من الأيام، الآن تهمس بأصوات الرحيل
هناء بلال