هنا
الوجوهُ جِراحُ الفضاء
والأقنعةُ بثورُ الأرض
هناك
حمامةٌ تتحولُ إلى أفعى
وهي تحضنُ وتحمي بيضها
هنالك
سنابلُ القمحِ شهوةُ التربة
وحشرجة المزارع
هنا
ذِراعا ولدي أجنحةٌ
تطوِّقُ عبوةً ناسفة
هناك
من قبرِهِ، يفتحُ والدي صدره
للدرجِ صعوداً
ومن قبرِهِ، يغلقُ جدي صدره
للدرجِ هبوطاً
هنالك
يتحوَّلُ البلبلُ الى صقرٍ جارح
تبتلعهُ دوائرُ الأثير
والمساحيقُ شفراتٌ جارحة
في تجاعيدِ خدودِ الأرامل
هنا
فلاحٌ يتربعُ أمام الموقدِ
يشوي كبده الكستنائي
ويُقلِّبِ على الجمرِ
شقائقِ النعمانِ
هناك
غيومٌ رماديةٌ فوق سهولٍ جدباء
حبلى بصخبِ الصواعق
وأنين الشتاء
هنالك
غسقُ الحياةِ فراغاتٌ ندية
في مجرى نهرٍ جفَّت مياهُهُ
هنا
يتناسلُ العُربانُ
على الأطلال
هناك
تتلاقحُ الجرذانُ
تحت الرمال
هنالك
تنعقُ الغربانُ
بين الحجالِ
وسفينةٌ وقبطانٌ
تحاصرهما الأوحال
هنا وهناك وهنالك
يتدحرجُ التاريخُ
الى مثواهِ الأخيرِ
والزمنُ، بعصاهِ ،
يحكشُ قمامةَ الأوطان
هنا وهناك وهنالك
ليلٌ يُصَّرِحُ :
“الشمسُ إغتالت الفجرَ
ومن العبثِ انتظارها
عندَ المغيب”