د. جوزاف ياغي الجميل
رسالة من خلف ستائر الجنون، إلی سيّد الغياب الحضور، الشاعر أمين الديب
الوجع كونيّ يا بني
لتتحرر منه
كن أنت الكون
تمارا الذيب
الوجع…عنوان قلب طعنه الغياب
بالله عليكم، أخبروني كيف تقاس درجات الألم؟ وعلی أيّ مقياس؟
هزات الطبيعة لها مقياسها. وحين تتجاوز حدّاً معيّنا تصبح مدمّرة.أما الألم في الفؤاد، حرقة الغياب، تباريح طعنة القدر، فلا مقاييس علميّة تكشف مدی قوّتها والتفاعلات. لهذا يصبح “وجع” الشاعرة تمارا أمين الديب وجعاً كونيّا، إن غاب شخص كان الغياب شاملاً. وهذا ما عبّر عنه الشاعر الفرنسيّ ألفونس دي لامرتين
Un seul être vous manque, et tout est dépeuplé
– Alphonse de Lamartine
شخص واحد ينقصك، ويقفر كل شيء
والشخص المقصود هنا هو الشاعر أمين الديب، والد الابنة المفجوعة بالغياب
ولكن الغياب نسبيّ، في قاموس الكبار. إنه الغياب الحضور، به تكتمل دورة الوجود
والوجود، حين تورق أشجاره، يصبح، كما القصيدة/اللحن العرفانيّ، ومضة. والومضة في شوق اللقاء أشبه بمرٱة الذات
شخص واحد ينقصك…ولكنّه الأب، سر الرحيل السندباديّ، إلی جزر المستحيل
بين السندباد والأمين ائتلاف، هو الحكاية. حكاية سفر لمّا تكتمل فصوله. إنه السَّفر، بل السِّفر الأخير. ولكنّها، بالطبع، لن تكون خاتمة المطاف
في شعر الصديق الأمين بوح رسالة خطّتها يد القدر. إنها رسالة البوح والكِبر، رسالة العِبَر والخفقات
في شعر الديب حلم تجاوز بالقارئ إلى عالم الأنغام الفضّية. هناك، لا ٱلام ولا دموع
في شعر سيّد الأدب الوجيز غوص إلى عمق الألم/ الأمل. والألم مفتاح الهنيهات والهينمات
أيتها الصديقة تمارا، وجعك الكونيّ اختراق لمرايا الذات، وعبق اللذات. به يتجسّد الفرح الهيوليّّّ، وأهازيج الناي الجبرانيّ. بالوجع الغارق في وهج حصار النجوى انتصرت على خفقات أمواج انتظار يتسامى، في عنفوان الدموع/ الحنين
وجيزة لحظاتك أيها الفارس الغارس في عمق السماء، أسمى نغمات الإعصار الكوني
وفي عالمك الجديد، سمائك الجديدة، احتفال بالحياة الكامنة في البذور، كنه الخلود
ضمّنا إليك، في عليائك، أيها الممتطي جواد الفخر، خارج حدود النسيان. ولتكن أشعارك، ومضاتك، أدبك الوجيز جواز مرور لإبداعات لا متناهية
ويا أيّها الكون الحاضن شعلة بروميثيوس الألق، الأرق، إيقاع الجنون، لك الطوبی، في ذكری رحيلك الإياب، ولنا في عباراتك الملهمة أرقى العِبر، والسلام