د.اسامة معمر
إن اعظم الاسرار في هذا الوجود هي اسرار البدايات و اسرار الولادات، فسرّ ولادة الكون و سر ظهور الحياة على هذا الكوكب ، وسر ولادة الانسان الاول، كلها تكاد تكون مصدر القدسية في الوعي البشري ، فلا اجابة عن هذه الاسئلة الا في عوالم الغيبيات و الايمان البحت، وفي نظريات علمية مازالت تتخبط في تفاصيلها
قد لا يرقى مونديال قطر الى هذا الحجم من الاسرار الوجودية لكنه كان و بلا ريب او شك، كاس عالم بنكهة المعجزة
الحقيقة ان الذهول قد اصاب كل من كان يتابع مجريات هذا الحدث العظيم، حتى اشد المنتقدين تطرفا و اكثرهم سوداوية و تشاؤما ، حيث اجتمعت كل الظروف لتجعل كأس العالم في نسخته الثانية و العشرين نسخة تاريخية و استثنائية بكل المقاييس
فالمنشآت حاكت الطبيعة و البيئة القطرية العربية بتصاميمها الهندسية، فبدت تحفة معمارية تلفت الانتباه و تفرح عين الناظرين، و قد جُهزت باحدث التقنيات الصوتية و البصرية و السمعية فجعلت من كل مباراة لوحة فنية كاملة بكل تفاصيلها، و جعلت الجمهور المتعطش للفرح و الابتسامة بعد عامين من العزلة و المرض بسبب جائحة كورونا ان يلهب الاجواء بهتافات و اناشيد ورقصات لا بل و عناق و دموع و مشاعر و طاقة كسرت كل الحواجز و الحدود و الفروق و الاختلاف لتوحد البشر في مشهد يكاد يكون سرياليا و اقرب الى الخيال منه الى الواقع و الحقيقة
ناهيك عن التنظيم الدقيق و المبهر لكل تلك الحشود في كل ارجاء البلاد، و المطاعم و الفنادق و البنية التحتية المريحة و المتنوعة و الراقية و التي حطمت كل الصور التقليدية الخاطئة للانسان العربي في مخيلة الشعوب و التي بنتها الة الاعلام الغربي عبر الزمن
لقد اثبتت قطر و شعبها العربي المضياف المسالم ، انه و مهما كانت التحديات صعبة و كبيرة وانه مهما بدا الحلم مستحيلا و بعيد المنال، فان العمل الجاد و الدؤوب و المخلص لا بد ان ياتي ثماره، فتكون النتائج احيانا اعظم بكثير و اجمل بكثير مما يتوقع الانسان او يحلم به
إن للبدايات سحرها و فتونها فجاء مونديال الدوحة ليكون من ابدع و اروع ما انتج المشرق العربي على المستوى العالمي منذ عقود طويلة فقد اعاد روح الامل لنا جميعا باننا مازلنا امة قادرة على العطاء و لو في مجال مثل الرياضة.. و اننا امة تؤمن بالسلام و التاخي بين شعوب الارض و تومن بان الرياضة لها دور كبير في بناء جسور المحبة و الانسانية في عالم يحاول هدم هذه الجسور كل يوم و بكل الوسائل. ان صدى هذا الحدث الرياضي العالمي الكبير سيظل مسموعا في المنطقة و كل ارجاء العالم و تاثيره الايجابي على الاجيال القادمة سيبقى محسوسا الى سنوات طويلة قادمة
شكرا قطر فقد احييتي فينا جذوة الاحساس بالذات و قيمة الذات العربية التي كادت ان تموت و تندثر ، شكرا فقد صنعتي معجزة
غرفة 19
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي