بشير الجواد
وضعت البلاطتين على الارض امامها ووضعت يديّ على وجهي مستجمعا كل حواسي و احاسيسي لأسمع الحديث الابيض . ولِم اسمع اساسا ؟؟ فإن قالت ما أود سماعه فأنا أعرفه و إن قالت عكسه سأكذّبها بكل بساطة و اخذ البلاطتين امسحهما و الصقهما مكانهما و غدا ستفور القهوة مرة أخرى . “اسمع ” قالت وقطعت تزاحم الأفكار في رأسي فارتعبت و كأنها طبيبة خارجة من من غرفة عمليات و تحمل خبرا مجهولا و تعابير وجهها محايدة . هل متُّ انا اثناء العملية ام تكللت بالنجاح !! ” ما هذا الخليط العجيب في هذه المرأة!! لا بد أنك تهوى الغموض والتناقض . الكثير من الدمع و مدائن من غيم اسود تلتف حول عينيها كشريط حدودي شائك تمنع مرور الضحك في أراضيها فما الذي ذهب بك الى هناك ايها المجنون !! الطرق كثيرة و ليس منها ما هو معبّد و كأن أحدا لم يمشِ على هذه الطرقات منذ زمن ..” بل مشى الكثيرون ولكنهم من الذين يمشون على رؤوس اصابعهم يخافون الضوء و لا يملكون جرأة الصوت كاللصوص فمروا و رجعوا دون اثر يذكر . بعض الطرقات و ان بدت محفوفة بالخطر و كثيفة بالشوك و المجهول الا انها تعرف الواثقين من خطاهم الذين يرون أن الجروح أبواب يجب أن تفتح لتدخل منها الفراشات و القصائد “قلت لها ذلك دون انظر اليها بل كنت أرى أمامي اسرابا من البجع الأبيض تلهو على يدي حبيبتي و تشرب من عروقها الزرق رقصاً و أغان تكفي لمواسم هجرتها
– [x] ” يجب على العاشق أن يكون محاربا “قالت ذلك و كأن الزمن عاد بها الى حادثة ما لم اسألها كي لا تطيل السرد فأنا هنا لأسمع حكايتي المفترضة لا حكايتها ، كان تفكيرا انانيا مني بعض الشيء ولكن كيف لي ان اسمع قصتها و اتفاعل معها و انا منشغل حتى قدميّ بالبن و ما يخبّر . ربما يتسع لنا الوقت للحديث بعد انتهائها .
يقطع حديثنا سرمد ذو القدم الواحدة ( الفردة اليمين ) _أقول ذلك ليس تحبرا او تهكما و لكن لا بد لي أن اتعامل مع الأمر ببعض الخفة كي لا يأخذني الأمر للسؤال حول ما حدث معه و أخيه ( الفردة اليسرى ) _ يحمل صينية من البلاستيك متهالكة و كأنها مصابة بداء السكري لكثرة ما سقط عليها من الشاي شديد الحلاوة عليها استكانتين ممتلئتين بالشاي حتى الجمام و نصفهما سكر غير ذائب بعد .( الاستكانة هي كوب الشاي الصغير و قد يكون مصدره من اللغة الانگليزية كالكثير من الكلمات المتداولة هناك east tea can اي علبة الشاي الشرقية ) بمجرد رؤية كمية السكر تلك حتى شعرت بالإعياء . فأنا و ان كنت احب اكل الحلويات و الشكولا و لكني لا استطيع أن أشرب الشاي بهذه الكمية من السكر . يكفي ما في هذا البن من الطرقات المُحلاة بقدمَيّ حبيبتي
“اشرب شايك استاذ و يمكنك التدخين إن أردت لن تذهب البلاطتين الى مكان ” قالت البصارة ذلك فتذكرت أني لم أشعل سيجارتي بعد فغرابة المكان و قلقي من المكتوب انسياني حتى منظومة الدفاع الخاصة بي (سجائري) . سحبت واحدة من العلبة اشعلتها و يدي ترتجف ولا عجب في ذلك تعرضت أمس لهبوط في السكر و كانت المرة الاولى التي اجري فيها فحصا لسكر الدم بعد اصرار من آلهة السكر تحتل مساحة واسعة من كياني وليس كله و كما تقول لي عادة ” هناك جزء غبي فيك لم اصله بعد لأعده إلى رشده ” و كأنها لا تدري ان هذا الجزء هو الذي نصبها آلهة في دمي و وجوده حجرة الأساس لألوهيتها .بأي حال فقد كانت نتيجة الفحص غير جيدة على الاطلاق ولا ازال لليوم اشعر بعدم التوازن
غرفة 19
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي
- “أيتها المرآة على الحائط، من الأذكى في العالم؟”