
مريم الأحمد
للمرة الألف أقول لك يا أمي
أنا لا أحبّ الشاي، لا أحب الأشياء الدافئة التي يعشقها الرومانسيون من دعاة الحب
.
وحده ماء الحنفيّة يرويني
أشرب بيديّ مثل البدائيين و أسبب أصواتاً مزعجة كالأطفال
.
تعرضّتُ للكثير من التعنيف أيام المدرسة
ما الجدوى إذ أثرثر كثيراً الإداري انكساري؟
.
تمارضتُ كثيراً
تحجّجتُ بوجع البطن، و وجع الضرس، مزقت دفتر الإملاء، على أمل أن أتغيّب ليوم واحد، أن تعفيني من الإختباء خلف الوهم
لكنك يا أمي حفظتِ قولاً واحداً
و بالقسر جعلتني أطبقه
اطلب العلم ولو في الصين
.
أحلم أني أسير في شوارع شنغهاي، أتخبط بين متاهات البشر و شحم العوادم.. أبحث عن مريم هناك
لا أجد سوى عظامي تتكمّش بالقضبان و تنبح
.
أبحث عن فرصة لأضيء في خضمّ العتم
والخضم كلمة مرعبة، مرعبة جداً لطفلة مثلي تعاني فوبيا الضياع
.
و تدْلهِمُّ الليالي
آه من هذه الملافظ اللغوية القاتلة
الظلام يدلهم، و الخراب يدلهم
وأنا ذات نفسي أدلهمُّ بحزني، و تحت حزني.. كفراشة يوم مقتلها
.
أو كذرة أثير تسحقها نظريات منشأ الكون و البيغ بانغ الخاص بالتفجر المشؤوم، الذي راح ضحيته حجري الأزرق الكريم و انتثر… حتى صار سماء
.
و اليوم من شنغهاي إلى هذا السرير، حيث أحلم بجمهور لا يسفقني بالبيض و البطاطا لدوري السيء في المسرحية، لدوري الذي أجبرني المخرج على تنفيذه و المكافأة كانت
قلبا حساسا يرتجف على أقل
نفخة
.
و الروح متخمة بالمفقودات
مليانة بالعيون التي تم إخلاؤها غداة
الزلزال المدمر
و الروح وعكة إلهية و تنحسر
يا أمي!
و أنت حقاً أنجبتِني، لكني أختار اليوم أماً عذبة و رقيقة تماماً
اسمحي لي أن أبدلك اليوم
أبدلك بدمية
بحبّة سكاكر
بأرجوحة
بأي شيء لا يذكرني بطفولتي
.
العفو منكِ يا حياتي
لقد جعلتُ لروحي مربطاً يشبه التخلي، و كنتِ أنت الفرس