إخلاص فرنسيس
لم أرغب في إخباره عن الرؤيا التي رأيتها أمس، والتي بسببها انقبض قلبي، وتغيّرت نفسيتي، وتعكّرمزاجي هذا الصباح. تلك الرؤيا التي جسّدت نهايتي ونهايته، وكلّ منّا في طريق مختلف بل مأساوي، لم أرد تعكير مزاجه المكدّر من البعد والاشتياق والرغبة في كلّ مسام في جسده لمسامات جسدي، لم أخبره بل انكفأت في محاولات فاشلة لطرد تلك الرؤيا ،أحاول أن أستمدّ الطاقة الإيجابية من ذكرياتنا معاً، من تلك القبلة المختلسة أطرد فيها الوجع، وأتخذ منها مصدر استلهام لغد يلتئم فيه غيابنا باللقاء. لبثت ذلك الصباح حتى منتصف الظهيرة أكبت في نفسي الرغبة في الصراخ والبكاء، أحاول أن أبكم ذلك الوحش الذي بداخلي. كانت رؤيا واضحة جلية للدرجة التي شعرت بدفء الدم النازف من جبينه، والنور الذي ينسحب تدريجيّاً من عينيه، وأقواس الابتسامة تنحني على شفتيه، ويده التي تشدّ يدي، تمخر روحي، تتهاوى رويداً رويداً، لحظة من اللحظات التي كانت روحي تريد أن تعسكر بأحضانه أراها تنسحب من بين يديه، الوجع لم يكترث يوماً لهذا التوله، وسؤال يطرح ذاته عليّ: هل للقدر قلبٌ، وهل يملك أخلاقيات ومبادئ، هل لديه قيم أم فقط لديه لحيظات يطلق فيها تردّداته على قلوب البشر، ويتركهم يتخبّطون لانعدام الحيلة، ومشكلة الحقيقة المرئية والمحسوسة والفقد. كانت الرؤيا تزداد وضوحاً وأنا أسمع صوت عجلات السيارة وهي تفرك الأسفلت، تقتلعه في محاولة يائسة ومتأخّرة من السواق لتفادي هذه الفاجعة، وأنا على الرصيف المقابل وكأنّي في دار السينما أشاهد فيلماً من صنع الإنسان للترفيه والإثارة، أحاول أن أكذب هذه الرؤيا المظلمة، أحاول أن أعرف نفسي الذات الواقفة على طرف الكرة الأرضية، وهذا الشريط السينمائي الذي اقتحم سعادة الأمس ودهشة الاستعدادت للقاء، ولكن كأنّ من واجب القدر أن يفرض إرادته على جسدي وروحي وعقلي، لن أكمل، أخاف هذه الحروف التي تتحول إلى أداة لتحقيق ما يجول في فضاء الأنا والحواس والإدراك، لن أخبره عن الرؤيا بل سأفتّش بعيون العشق عن رؤيا جديدة، أنتصر فيها على سيلان الوجع، أستبدله بقبلة عشق، وباقة ورد حمراء، أهزأ بها من الدم ومن خطرات الفكرة السوداء والألم، لأختم على ذاتي بأن آمرها بالسرور والغبطة، أوجد لنا ذاتاً أخرى، نتحول بها عن عجز القدر إلى تحقيق الرغبة الملحة في الحياة إلى غد أفضل خال من النقمة، نعبر قنوات البشر والقطيع إلى لذّة الروح وسموّ اللقاء، أردت أن أخبره أنّه نعيم الروح، وقربه جنة الخلد، وفي حضنه تبدأ الحي
شمس وحياة