مَا حِيلَتِي؟
وأَنَا تُبَاعِدُنِي المَسَافَةُ
عَن عُيُونِ الفَجرِ
عَن أَهدَابِهِ
وخُيُولُ أَحلامِي سَبَاهَا الجُوعُ
والظَمَأُ المُمِيتُ
فَأَصبَحَتْ
يَا أَجمَلَ الأَسمَاءِ فِي عَيْنِي هَزِيلَةْ .
مَا حِيلَتِي ..
ومَوَاكِبُ الأَفرَاحِ مَرَّتْ مِن هُنَا
أَخَذَتْ أَزَاهِيرَ الشَّبَابِ
ولَم تَدَعْ لِي غَيرَ هَاتِيكَ الخُطُوطِ
عَلَى مُحَيَّايَ القَدِيمِ
وغَابَتَيْنِ مِنَ البَيَاضِ تُؤَرِّخَانِ
حِكَايَةَ الطِّفلِ المُشَرَّدِ فِي المَدَائنِ
تَستَبِيهِ الأُمنِيَاتُ
بِرِحلِةِ العُمرِ الطَّوِيلَةْ .
مَا حِيلَتِي ..
وأَنَا عَلَى أَرضِ الجِيَاعِ
تَلُوكُنِي الدُّنيَا و تَسحَقُ خُطوَتِي
وأَرَاكِ فِي الجَوْزِاءِ،
لا أِسطِيعُ تَحلِيقاً إِلَيكِ
ولِي جَنَاحٌ
كَسَّرتْهُ عَسَاكِرُ الوَالِي
وصَوتٌ
ضَيَّعَتْ غِربَانُ رَوضَتِهِم هَدِيلَهْ .
مَا حِيلَتِي …
وسَفَائِنِي غَرِقَتْ بِبَحرِكِ مُنذُ أَوَّلِ نَظرَةٍ
والمَوجُ عَاتٍ
والشِّرَاعُ تَسُوسُهُ الرِّيحُ العَتِيَّةُ
نَحوَ شَاطِئِكِ البَعِيدِ
وكُلَّ أَحلامِ الرَّبيعِ تَبَخَّرَت،
كَادَت يَدَا فَصلُ الخَرِيفِ لَهَا فَأَردَتْهَا قَتِيلَةْ .
مَا حِيلَتِي …
وأَنَا الَّذِي أَلقَتْ بِهِ الأَقدَارُ نَحوَكِ
فَاْلتَقَى عَينَيكِ رَغمَ السُّورِ
والحُرَّاسِ،
قَالَ الشِّعرَ خَلفَ نَوَافِذِ القَصرِ العَتِيقِ
فَسَاقَهُ العُصفُورُ نَحوَكِ
دُونَ قَصدٍ
ثُمَّ أَلقَى فِي سَرِيرِكِ نَبضَ مَن كَتَبُوهُ
فِي لَوحِ القَصَائِدِ شَاعِراً
وهُوَ المُتَيَّمُ
لَيسَ يَملَكُ غَيرَ دَفتَرِهِ القَدِيمِ
عَلَيهِ دَوَّنَ فِي كِتَابِ العِشقِ:
يَا نَبعَ القَصَائِدِ
يَا اْنبِعَاثَ النُّورِ فِي أَشعَارِهِ
إِن أَمسَكَتْ عَنهُ العَطَايَا
قَبضَةُ الزَّمَنِ البَخِيلَةْ!
مَا حِيلَتِي ..
إِمَّا وَقَعتُ بِأَسرِ هَاتِيكَ العُيُونِ النَّاعِسَاتِ
فَقَادَنِي حُرَّاسُ قَصرِكِ
رَغمَ مَا حَاوَلْتُ مِن حَذَرٍ
إِلَيكِ مُكَبَّلاً،
مُتَلَبِّساً بِالعِشقِ،
بِالأَحلامِ،
بِالأَشعَارِ
فِي عَينِ الأَمِيرَةِ،
واْقتِرَافِ جِنَايَةِ الحَرفَيْنِ مَنقُوشَيْنِ
فِي قَلبٍ كَبِيرٍ
فَوقَ أَشجَارِ الخَمِيلَةْ .
مَا حِيلَتِي …
والبَوْنُ
بَينَ .. مُشَرَّدٍ مِثلِي
وبينَ أميرةِ البحرِ الجميلةِ
شَاسِعٌ
وأَنَا الَّذِي مَا كُنتُ أَملِكُ غَيرَ أُمنِيَةٍ
بَدَتْ لِي مُستَحِيلَةْ
مَا حِيلَتِي ..
سِوَى أَن أُقَدِّمَ نَبضَ قَلبِي فَوقَ صَحنِ الشِّعرِ
مَهراً للَّتِي سَبَتِ الفُؤَادَ
ولَيسَ لِي إِلاَّهُ حِيلَةْ .