كنت أتأمل الفراغ وأنا في غرفتي في منزلي البحري .
وأنا ممدد على السرير وبيدي كتاب عن الفلسفة الهندوسية ..يتحدث عن علاقة الهندوسية بمبدأ وحدة الوجود ..
وكانت زوجتي تصرخ بي من الطرف الأخر لأنهض ..
حتى تتمكن من غسل الأرض ومتابعة الترتيب
وقد رَفضتُ النهوض قائلاً : إن .قيام الزوجات بترتيب البيت في الإجازة من الأعمال الخطرة التي تضر بمبدا وحدة الموجود .
فقالت لي : ماشاء الله عليك رجل مبادئ ..ألم تقل لي منذ جهجهة الضو صباحاً ..بأن علاقة الرجل بالمرأة إذا حصل فيها تجاوب وجنوح فهي تحفز العناصر وتدفع الحياة كلها للاندماج في مبدإ وحدة الوجود من خلال العناق الحميم ..
وهكذا وبسبب ردودي الفلسفية الغامضة ..اندفعت زوجتي لمتابعة الترتيب والتأنيب … وثابرت على ذلك حتى اصبت بالصمم الشديد…الصمم الذي يفتك بالوجود ووحدة الوجود ..وبينما أنا على ذلك
وقعت عيناي فجأة على خيط غامض ينزل من ثقب عالٍ في زاوية جدار الغرفة ..ينزل بهدوء وانضباط عظيم ..ثم يمتد ويتطاول ويتطاول ليصل للأرض ..
ويتفرق باحثا عن القوت حتى لايموت .
كان هذا الخط مؤلفا من النمل الناعم الذي لا حد لانضباطه
وهمته …وكان خط النمل المتقدم ..عظيم الدقة والاستواء والتقدم والصبر والمثابرة . إلى الحد الذي خيل لي فيه أن جلد الإنسان محشو بالنمل الدقيق الذي نطلق عليه اسم الخلايا ..وهذا النمل باهر الانضباط والمواظبة والصمت العظيم .
مما دفعني لأن أنادي لزوجتي وأحدثها عن قدرة الله وهذا الخط العظيم من النمل الدقيق ..وعلاقته رغما عنا بمبدأ وحدة الوجود ..
فما كان من زوجتي سوى ان غضبت غضبا شديدا وقالت لي : من أين جاءنا هذا الغزو اللعين ..منذ ساعة لم يكن موجوداً .
قلت لها ترى هل كان هذا النمل يصغي لصرخات الحب التي كنا نطلقها منذ قليل ..لذلك خرج إلينا وهو يقول ..مادام هذا البيت غارقاً بالحب ..فيمكننا أن نحصل منه عل طعام قليل ..حتى لانموت من الجوع .
فقالت زوجتي أنا لاأفهم هذا الكلام .ثم مضت وأحضرت خرطوم الماء وصوبته الى الثقب فتبعثر الحشد من النمل وتشظى وضاع الخيط . تم خرجت واحضرت حفنة من عيدان الكبريت ودستها بقوة من جهة الاشتعال ودفعت بها عميقا في الثقب الصغير ..ونزلت منفعلة ومنتصرة وعلى اعتداد عظيم ..فقلت لها : ياظالمه لقد. دمرت بهذا العمل الشنيع كل العناصر الجميلة الكائنة في مبدإ وحدة الوجود .
فقالت لي : مبدأ وحدة الوجود …يحب البيوت النظيفة أكثر مما يحب الخلود
ثم تركتني ومضت ..وكنت في غيابها أردد على لسان ملكة النمل الحزينة المتوارية وهي توجه كلامها للملك العبراني : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ..وكذلك يفعلون ..