هلا ياسين
الصمت…رسالة
هلا ياسين
ما أشد حاجة الإنسان المعاصر الذي يعيش في عالم مليء بالضوضاء إلى الصمت، لعله ينصت إلى صوته الداخلي العميق، وتهدأ روحه قليلا
فالصمت بلاغة جديدة مقابل البلاغة التقليدية التي هي إهداء المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، والصمت يصبح بلاغة كقول ابن المقفع
واعلم بأن من السكوت إبانة/ ومن التكلم ما يكون خيالا
للصمت حكايات وحكايات لا يشعر بها إلا من يدرك لغة الصمت. تعالوا لأخبركم أن الصمت متعة في زمن الثرثرة فهناك مواقف يجب أن يكون فيها الصمت سيد الكلام
١- (عند مناقشة الجاهل) يكون الصمت معه سيد الموقف
٢- (عند البلاء) يلتزم الصبر والصمت ويتحدث مع الله
٣- (عند الوقوع بمشاكل وخلافات) يكون الصمت سلاح حقيقي نواجه به تلك المواقف المحرجة
كما أن للصمت قاموسا نفتش عنه فنلقاه في الرضا، الحزن، الدهشة، الحب والعشق، الغموض
(لا بد من لزوم الصمت أحيانا ليسمعك الآخرون ) غلاسكو
إياك وأن يضرب لسانك عنقك
للصمت فن، فإذا كنت فنانا في صمتك، أصبحت مبدعا في كلامك
راوتني هذه المقولات في فكري، في زمن يمتلئ بالأحرف والكلمات، فانتبهت لأهمية الصمت وفضله، جلست في غرفتي، السكون يعم المكان) زت الإبرة بتسمع رنتا (، أحسست بحضور الذات العميقة، واستأنست بالذروة الروحية، والرسالة العميقة لمشاعر لا يمكن التعبير عنها بكلمات، شعرت بالسلام الداخلي، وامتد صمتي لساعة من الزمن فأوصلني إلى توافق تام بين الجسم والعقل والروح ،فاكتشفت أن الصمت عبارة عن سطور تئن بلا أنين، وغادرت حصار اللغة، وتمردت على قيود المنطق، أدركت صمت الليل وصمت الصحراء، صمت الغابة وصمت البحر؛ فها أنا أصمت عندما يتحدث البحر بأمواجه، أصمت حين يبتسم الطفل، أصمت حين ينمو غصن جديد أو يغرد عصفور، وجدت الصمت موسيقى تعزفها روحي المطمئنة، فينبض قلبي بأحاسيس ومشاعر تفوق كل الكلمات وهنا تصبح اللغة عاجزة عن التعبير
فالصمت هو أفضل اللغات وهو اللغة الأولى التي يتبعها الكلام، فهل أتعلم لغة الكلام أم لغة الصمت؟؟؟ أم أتعلم كيف أثور بكل اللغات؟؟؟
هلا ياسين