د. محمد ابوالفضل بدران
قفْ بالديارِ وسلْ لي عن ديارِهمُ
عَلَّي قُبيلَ الموتِ
أسمعُ منكَ ذِكرهمُ
وربما ظفرت عيني برؤيتهمْ
أو هاتفٌ يأتي
إنْ حِيلَ ما بيني وبينهمُ
أوْ عُدتَ يا هذا تُبشّرني :رأيتُهمُ
وقل لهمُ :
في سَكْرةِ الموت قد ردَّدْتُ اسمَهُمُ
ناديتُ :أيْنَهُمُ
ماقالَ لي أحدٌ مكانهمُ
ناديتُ :أينهمُ
أصداءُ صوتي في الصحراءِ قالتْ لي كأنَّهمُ
رحلوا وما عادوا ، فلَيْتَهمُ ……..
زرعتُ روحي نخيلاً في ربوعهمُ
فكيف بي اليوم قد جاؤوا ليلتهموا ؟!
زرعتُ روحي غصوناً في سحابتهمْ
فساقني الـمُزْنُ أمطاراً بحيّهمُ
وقيل : هيَّا تيمَّمْ وسْطَ بحرِِهمُ
كيفَ التّيَمّمُ في بحرٍ أهيم بهِ
والماءُ عشقي وهذا الشوقُ نحوَكمُ
أنشدتُهمْ شِعري وأوردتي
عشقوا القصائدَ ،
مِن قَوَّالها سئموا
يا ليتهمْ عرفوا : أن القصيدة ذاتي وَهْي ذاتُهمُ
قالوا : الرحيلُ غدا
ودمعٌ في الخدود جرى
وراح الظلُّ ، لم يتبق من كلِّي سوى بعضي
وكُلِّي صارَ بعضَهُمُ
إذا وَلَّوْا يُوَلِّي القلبُ شطرَهُمُ
يا حادي الرَّكْبِ عرِّجْ نحو حيّهمُ
وحَيِّهِمُ
وقلْ لهمُ :ليتَ الغمامَ يسوقُ المزن صَوْبَهُمُ
وقل لهمُ: الروحُ إن بَعُدَتْ دوْما بحيِّكمُ
يا حادي الرّكبِ كَفْكِفْ لي دموعَهُمُ
وقل لهمُ : البَيْنُ مهما طالَ بالأشواقِ يلْتَئِم
وقل لهمُ :إذا غبتمْ ففي عيني لكمْ سكَنُ
وإن جئتُمْ ففي قلبي لكم وطنُ
وقل لهمُ :تلظَّى القلبُ بعدكُمُ
حياتي بَعْدَكُمْ عَدمُ
وقل لهمُ : يميناً ما نسيتُكُمُ
تناءت دارُكُمْ عَمْداً
فليت ديارَنا لِدِيارِكُمْ غِيَمُ
يميناً ما لكمْ في القلب من شَبَهٍ
ولا بدلٍ ولا عِوَضٍ؛ وذا قَسَمُ
وقل لهمُ :لعلَّ اللهَ يجمعُ عاشقاً بكُمُ
أخذتمُ ُ العقلَ بعد القلبِ ويْحَكُمُ
رُدُّوا – بحقِّ الله – أيَّهُمُ
ما عُدتُ في حَوْجٍ لهمْ أبداً
يكفي بهم أني عشقتُكُم
إنْ جاءني الموتُ يأخذني سأَبتسِمُ
لنْ يقبضَ الروحَ
قدْ أَوْدعتُها – باللهِ- عندكُمُ
أوْ فرّقَ الموتُ ما بيني وبينكُمُ
في جنَّة الخُلدِ حُوراً قد مُنِحْتُكُمُ
لم يبق مِنِّي سواكُمْ يا “أنا” لَكُمُ
فكيف أرجعُ – كالعُشّاقِ – دُونَكُمُ
كلُّ الذين عشِقْتُهُمْ رحَلوا
باللهِ أينَ مَضَوْا ؟ باللهِ أيْنَهُمُ؟
يا حاديَ الرَّكْبِ إما جئتَ عندهمُ
فقلْ لهمُ : إني أُحبكمُ !
