لوحة
دخل مرسمه الأثير إلى نفسه، بدأ يرسم سلحفاة محلّقة في الفضاء. اقتحم الآخر عليه المرسم، ووقف هناك يراقبه، كلما أضاف لمسة إلى اللوحة تدخّل بغضب..
“يا لك من مجنون”! أنّبه. “بل أنت متطفل”، ردّ عليه. استمرّ بإكمال لوحته من دون أن يلتفت إليه. صرخ به: “توقف عن هذا العبث الصبياني”. ردّ عليه: “أنت معقّد ومتزمّت”، أضاف ببرود: “اخرس لحين الانتهاء من عملي، وإلا طردتك”. ابتسم ابتسامة صفراء، وقال له: “حسنًا، سنرى إلى أين سيوصلك جنونك، عندما لا تستمع لي”.
انتهى من وضع آخر اللمسات على لوحته، وقف بعيدًا تأمّلها جيّدًا، ثم التفت إليه قائلا: “فعلا، معك حق، إنّها لوحة خرساء، سأمزّقها”. هبّ الآخر معترضًا: “حذارِ من ارتكاب هذه الحماقة، سأشرح لك ما تخفيه هذه اللوحة العبقرية، يا صديقي”.
***
يقين
تناولا قهوتهما المفضلة، نفث كلّ منهما دخان سيجارته بوجه الآخر.
قال له: دعني أصارحك، لا أحد في الخارج يقدّر مواهبك. ثم أردف قائلا: وهم يعملون على إسقاطك، ونبذك.
ردّ عليه: كنت شبه متأكد ممّا تقوله يا صديقي، لكنّه أصبح الآن حقيقة. لقد وفّرت عليّ عناء التجربة.
خلع ملابسه، ارتدى ملابس النوم، ثمّ غرق في سبات عميق.. بينما جلس (صديقه) عند حافة السرير يحرسه…
***
قلعة
خيّل إليه أنّه يقف أمام باب ضخم موصد..
طرق الباب طرقات متوالية، خيّل إليه أنّ الباب قد فتح، ولجه بهدوء، خيّل إليه أنّ الباب أغلق بإحكام من الخارج.
انكسر ظهره، انطفأ بصره، وهو ما زال يبحث عن مخرج…
***
نسق
اكتظت السماء بالنجوم، امتلأت الغابات بالأشجار والحيوانات والطيور والحشرات. طفحت البحار والمحيطات بالأسماك والحيتان..
في المدينة انتقم بشر لأسلافهم من قبر يجثم على صدورهم منذ ألف عام..
وضع الريشة جانبًا، أخذ يتأمّل المشهد من زاوية مختلفة…
***

حسين جداونه كاتب أردني