عبدالله راغب أبو حسيبة
كنتُ أظنّ أشياءَ مخزية
مثلا الشعرُ يخيفُ عساكرَ الشرطةِ
وشيخَ المسجدِ
وكلابَ الشارعِ
زميلي في الفصل الذي يخطفُ
رغيفَ الخبزِ الفارغِ من حقيبتي الفقيرةِ
كنتُ ساذجًا
عندما صدقتُ أغنياتِ “أم كلثوم
و”محمد قنديل”
وخطابَ الزعيمِ وهو يمتطي
رقابَ أبي وأعمامي
كان أبي يحاولُ أن يقنعَني
بالمهدي المنتظرِ وهو يُخفي
تحت لسانِة قطعةَ أفيونٍ
وهو يغني جالسًا
على أريكةٍ تثبتُ جدارتهُ
في رعي كل من يسمعُه
مات الزعيمُ
ومازالت رائحةُ تبغهِ
والدخانٌ الأسودُ ينبعثٌ من الشاشات
خدرٌ يدخلُ في أنفي
حتى الآن
مازلتُ أهتفُ لأشياءَ
لم أفهمْها؛ لأن أبي كان يهتفُ
وعلى يسارِهِ
كان يضعُ مرحاضًا يتقئُ فيهِ
وعلى يمينهِ
كنتُ أقفُ وأعدُ كم بصقةٍ
سريةِ يدفعها أخي
لمن يؤكِّدُ أن الجوَ دافئٌ
والغربانُ التي تعبُرُ فوقَنا
هي حماماتٌ تهدلُ
وأن الخلفَ
هو الأَمامُ الأوحدُ
ومابينهما خزعبلاتٌ كثيرةٌ
وأنا فردٌ منها.