د. محمود عثمان
لا تغمضي عينيكِ فالربيعُ فيهما
والثلجُ كان يهطلُ
والكشك وعدٌ ساخنٌ في بيتنا
تقول أمي بَسْمِلوا
فالجنُّ منَّا يأكلُ
والخبزُ منذ كان الخبزُ … ديننا
والنارُ في التنُّور وحيٌ مُنزَلُ
قرأتُ في عينيكِ آيَ المطَرِ
وغادرتنا جدتي وحيدةً في السفَرِ
فالسائق العجوز صكَّ دوننا الابوابْ
هل قلتُ عنه سائقٌ
بل سارقُ الأحلامِ والأحبابْ
بكيتها
والربُّ كان طيِّبًا كجدتي
لم يحملِ الفؤوسَ للغاباتْ
والسيفَ في الساحاتْ
والربُّ كان طيِّبًا كالليل والنعاج في تلالنا
وكان مثل جارتي تجيئنا
بالخبز والزيتونْ
وكان غيمةً سخيَّةً
كجدتي الحنونْ
رأيتُ وجه جدتي
كالشمس وهْيَ هامده
لم يشتعلْ من بعدها وجاقْ
ودمعتي كالنار صارت بارده
يداي يا حبيبتي لم تعرفِ العناقْ
يزورني في السرِّ مذ سافرتِ
بَبَّغاءْ
مردِّدًا قصائدي
كالجمر في المواقدِ
ما أجمل الشتاءْ
للرعدِ طعمُ زعترٍ
ُوالطفل راح يسعلُ
وامُّهُ تحوك للجبالِ في الصقيع جورًبا
ُوخدُّها مُبَلَّلُ
ُيا يوم جدتي تولولُ
ويحمل القنديلَ في الظلام جارٌ طيِّبٌ
والرفش لا يخون أهلَ قريتي والمعولُ
للرعد طعمُ زعترٍ
يا جدتي الشتاءُ ليس يرحلُ
لا تغمضي عينيكِ فالربيعُ فيهما