شكري مخباط
الصورة لخير الدين مبروك
“لئن تميّزت الروايات الستّ الفائزة في القائمة القصيرة باشتغالها الجادّ على موضوعها وبحثها الفنّي عن صيغ القول السرديّ فقد كان لزاما على لجنة التحكيم أن تختار رواية منها للتتويج النهائيّ
واستقرّ رأي اللجنة بالإجماع على تتويج رواية كتبت بإيقاع سرديّ سلس هادئ، في ظاهر النصّ، هادر متوتّر، في باطنه، وصيغت بلغة عربيّة حديثة يسيرة المأخذ لكنّها تخفي جهدا في البحث عن أساليب في القول مناسبة للعالم التخييليّ الذي بناه المؤلّف. وقد تمكّن صاحب العمل المتوّج من تتبّع مسار الشخصيّة وهي تتلعثم لتقول وجودها وتستكشف هويّتها المبتورة الحائرة المخالفة للتصوّرات الاجتماعيّة السائدة في قرية محافظة لا تحلم ولا تشجّع على الحلم. وما هذه القرية إلاّ صورة من عالم عربيّ تهيمن عليه إيديولوجية موروثة مغلقة لا ترى الواقع إلاّ من خلال التمثّلات الثقافيّة المستقرّة. لذلك جاءت الرواية المتوّجة بحثا إشكاليّا عن هويّة فرديّة اكتنفه التردّد والحيرة والتمزّق النفسيّ والخيبة فكانت نشدانا لحرّية شخصيّة صعبة المنال أدت إلى أوجاع مختلفة عانت منها الشخصيّة الرئيسيّة
لقد قامت الرواية المتوّجة على استعادة تجربة شخصيّة في ضرب من الاعترافات التي نظّم السرد المتقن المشوّق فوضى تفاصيلها ليقدّم نقدا دقيقا عميقا للتصوّرات السائدة عن الرجولة والأنوثة وتقسيم العمل بين الرجل والمرأة وتأثيرهما النفسي والاجتماعيّ. إنّها رواية تقع في صلب التساؤلات الثقافيّة الكونيّة حول قضايا الجندر لكنّها منغرسة، في آن واحد، في بيئتها المحلّيّة والعربيّة بعيدا عن الإسقاط المسفّ والتناول الإيديولوجيّ المسيء لنسبيّة الرواية وحواريّتها
الرواية المتوّجة هي رواية “خبز على طاولة الخال ميلاد” الصادرة عن دار رشم للنشر للكاتب الليبي محمّد النعّاس