د. عاطف الدرابسة
قلتُ لها
تأتيني الأحلامُ كألوانِ الشَّجرِ في اللَّيلِ
هل أعرفُ كيف يصيرُ اللَّونُ باللَّيلِ
ربَّما كأنَّه أنا
أو كأنَّه أنتِ ؟
أنا حلمٌ عصيٌّ على التَّأويل
لوحةٌ سرياليَّةٌ تُحاكي روايةَ رعبٍ
أو قصَّةَ حبٍّ يذبُلُ كالحزن
أحلامي على صورةِ هذا الزَّمن
تتفتَّحُ فيه الأزهارُ على جرحٍ عميق
تحتشدُ فيه الأصواتُ على شكلِ ظلٍّ ثقيل
لا نفَسَ فيها ولا هواء
صوتي هيكلٌ عظميٌّ
تحجَّرَ منذ عصور
علِقَتْ في رأسِه كلُّ الأفكارِ المُحنَّطة
وكلُّ الأغاني التي لا يلقَحُها غبارُ الطَّلعِ
ولا يحتضنُها قوسُ قزح
أحلامي كعصفورٍ بلا ريشٍ
يرقُدُ في عشٍّ نسجتْهُ أُمُّهُ
في أعلى بيتٍ يتهيَّأُ للسُّقوط
كلَّما حاولَ أن يطيرَ
أدركَ أنَّه بلا ريش
كلَّما حاولَ أن يصرخَ
تذَكَّرَ (أنَّهم قلَّموا له المنقار)
أحلامي يا حبيبةُ بلا صوتٍ
بلا حركةٍ
لذلكَ لا تُجيدُ الصُّراخَ
أو الاحتجاجَ
أو التَّظاهرَ مع الحشود
أحلامي كأنَّها جموعٌ
من القصائدِ التي لا تُجيدُ الإبحار
تسألُ عن موجٍ يحملُها
عن ريحٍ تُحرِّكها
عن أشرعةٍ
فإذا كلُّ الأشرعةِ مُمزَّقة
أحلامي غامضةٌ جدَّاً
كأنَّها أنتِ
عجيبةُ التَّكوينِ
كأنَّها أنتِ
أراني فيها غوَّاصاً
وبحري زُجاجة
أنتِ الزُّجاجةُ
وأنا العالقُ في قلبِ الزُّجاجة
أحلامي كهوفٌ في أقاصي الجبالِ
كأنَّها مَنَافٍ للحالمينَ
والعاشقينَ
والهاربينَ من غاباتِ النَّارِ واللَّهب
يبحثونَ عن مصابيحِ الأمل
عن عيدٍ يبتسمُ لطفلٍ يتيم
عن دواءٍ لمرضٍ عتيق
أحلامي سجنٌ عميق
أجلسُ فيه القُرفصاء
عارياً إلَّا من قلمٍ
يرسمُ على قاعِ السِّجنِ
قلباً ينزفُ
ويخطُّ بالدَّمِ
كلُّ شيءٍ في هذا البلدِ
يسيرُ عكسَ عقاربِ السَّاعةِ
وضدَّ أحلامِ البشر