نهى عاصم
في الصغر لم يكن لدينا مئات القنوات التلفزيونية كما هو الآن بل مجرد القناة الأولى والقناة الثانية وبضع محطات للراديو نتابع فيها المسلسلات أو البرامج مثل إذاعة الشرق الأوسط
في التلفزيون نتذكر وفورًا كلمات آمنه بطلة دعاء الكروان:
“وين هنادي ياماي؟جتلها خالي”
هكذا يتردد صوت فاتن حمامة كلما تذكرنا رائعة كاتبنا العظيم، عميد الأدب العربي طه حسين
وفي الراديو كان صوته حارسًا للغة العربية بقوله
“لغتنا العربية يسرٌ لا عسر. ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها. ولنا ان نضيف إليها مانحتاج من ألفاظ لم تكن مستعملة فى العصر القديم”
طه حسين
كتب طه حسين عدة أعمال سردية تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية وإذاعية
وكتابات الأديب سرد مميز وكلمات كان يختارها بعناية وشخصيات يغوص بدواخلهم بلغة كان هو فارسها وحارسها
وبالرغم من قلة هذه الأعمال مقارنة بأديب نوبل نجيب محفوظ مثلًا إلا أنها كانت مميزة ويتذكرها الجميع
هذه الأعمال أذكرها بصورة مبسطة وبغير ترتيب
“دعاء الكروان”
فيلم يعتبر ضمن قائمة أفضل 100في تاريخ السينما المصرية، وشارك في مهرجان برلين السينمائي
فيلم” الحب الضائع”ومسلسل”جودت بيك” و”أحلام شهرزاد” المسلسل الإذاعي
فيلم “ظهور الإسلام”
وهو مأخوذ عن رواية “الوعد الحق”، وهو أول أعمال طه حسين الأدبية التي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي يتحدث عن شكل الحياة في الجزيرة العربية قبل وعند بداية الرسالة النبوية
“على هامش السيرة”
سرد مبسط للسيرة النبوية، وفي تصريح لأديبنا طه حسين عنه فقد قال: بأنه لم يأتِ بجديد عما ورد في كتب السيرة وإن ما قام بتدوينه هو فقط مجرد خواطر، طرأت له أثناء القراءة، فصاغها بأسلوبه السهل الممتنع
وتدور أحداث المسلسل عن إظهار بعض الحقائق التي حاول بعض المغرضين تكذيبها عن الإسلام وعن حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
ومن منا لا يتذكر المسلسل وأبطاله
أحمد مظهر عبد المطلب جد النبي وزوجه الأولى زهرة العلايلي سمراء وهو يحدثا بشأن حلمه بشأن حفر بئر زمزم
وكذلك وجه رشوان توفيق السمح في دور ورقه بن نوفل
وأخيرًا
مسلسل”الأيام”تم تحويل السيرة الذاتية للدكتور طه حسين بعنوان الأيام إلى مسلسل تلفزيوني يحمل نفس الاسم، قام بدور الأديب فيه الفنان العظيم الراحل أحمد زكي
ومن منا ينسى صوت علي الحجار صادحًا ككروان في تتر المسلسل
من عتمه الليل النهار راجع
ومهما طال الليل بيجي نهار
مهما تكون فيه عتمه ومواجع
العتمه سور يجى النهار تنهار
وضهرنا ينقام
آياااااام
والمسلسل أيضًا تم تحويله إلى فيلم سينمائي بطولة محمود يس هو قاهر الظلام
والأيام هي سيرة طه حسين الذاتية التي كتبها بأسلوب خاص به لم يسلك فيه نهج الأدباء
بل كان وكما قرأت في إحدى المقالات
“يجرد من نفسه راويًا ساردا، ومرويًا عنه، يسميه الفتى تارة، والصبيّ تارة، وصاحبنا تارة أخرى. وهذا شيء لفت إلى كتابه الأنظار، وبهر بجدَّته الأبْصار، فإحسان عباس يقول في «الأيام» (فن السيرة: 1963): للأيام مكانة لا ترقى إليها سيرة ذاتية أخرى في الأدب العربي الحديث، ولاسيما الجزء الأول منه.. بسبب تلك الطريقة البارعة في السرد، والأسلوب الأنيق، والعواطف الكامنة في ثناياه، واللمسات الفنية في رسْم بعض الصور للأشْخاص، والقدرة على السخرية اللاذعة في ثوبٍ جادّ حتى تظهر وكأنَّها غير مقصودة»
وعن الأيام يقول محمد شعير في كتابه
أعوام نجيب محفوظ البدايات والنهايات
“أراد العميد من خلال الأيام أن يختبىء في براءة الطفولة من تعقيدات النخبة وحساباتها، أراد أن يذكر نفسه بأسطورته الخاصة، بأن صبيًا واجه كل هذه الظروف، لا يمكن أن يخضع لابتزاز، أو أن يتراجع تحت ضغوط مهاجميه. أراد عبر سرد معاناته وسنوات شقائه أن يبرهن كما يقول فيصل دراج-بأن هذه الأزمة كما الرد عليها، وجه من وجوه حياته لا جديد فيها. فقد حرره العقل من قيود العمى وحررته الإرادة من قيود المكان، وأدرك في أطوار مختلفة أن الحياة هي القيود وتدمير القيود في آن”
أراد أبعد من ذلك أن تكون “الأيام” رسالة ضد القهر والكبت والحرمان، ولكنه لم يكن يتوقع أن يصير هذا النص نصًا مؤسسًا في الأدب العربي، يفتح به آفاقًا لم تكن معروفة. وكأن مئات ممن يمارسون الكتابة، أو يطمحون إليها، كانوا في انتظار هذا النص المفارق. وكان من بين المنتظرين، طالب في المدرسة الثانوية، يكتب الشعر أحيانًا، والقصة أحيانًا أخرى، وجد في الأيام مبتغاه.. كان اسمه نجيب محفوظ