د. شربل داغر
جسدُك الضيق الذي تتنكر له، من دون أن يَخرج منك
ما الضير من ان تبقى ممددا بعد إفاقتك، من دون وازع او توبيخ ضمير؟
ما الضير من ان تعوم في ماء بعيدة من دون ان تتبلل، من دون ان تتصيد سمكة واحدة؟
ما الضير من أن لا تكتب كلمة واحدة، مع أن الحروف والصور والمشاهد تتناهب الغيوم التي في رأسك؟
ما الضرر إذا بقيتَ قليل الحركة، فلا تنصرف إلى أي كتاب، إلى أي مقهى، كما لو أنك لستَ هنا؟
هل ستقلق الغيمة لغيابك، وأوراق الحاسوب المهفهفة لرنين أصابعك؟
ألا ترى أن غيابك هو شكلُ حضورك : لكَ وحدك؟
ألا ترى أن هذا الممدد يصغي ولا يتلو، بل يتنصت إلى هسيس الوسواس، وأن الوسواس قد لا يكون “خنّاسا”؟
ألا ترى انكَ تجاهلتَه لجسدك، أثقلتَ عليه، استنفدتَ طاقته على الرغم من إنذاراته : من أنك وقعتَ تحت الدَين منذ وقت، وأن عليك أن تسدد مستحقاته حبةً حبةً مثل حبات العرق التي تعوم فيها؟
ألم تدرك بعدُ أن اغراءات الكتابة، والتحليق، ومصاحبة الفراشات، وتسديد اللكمات حيث تتحسب
ليست طيرانا هوائيا، ولا معركة ورقية، بل هي جسدك -جسدك الضيق، المأوى الأخير، الوحيد-، جسدُك الذي تتنكر له من دون أن يَخرج منك