د. شربل داغر ( جريدة “نداء الوطن”، بيروت، 1-8-2022).
لا أعرف إذا كان قراءٌ عرب مختلفون يَعرفون معنى هذا اللفظ الساري في لبنان وغيره : “الخُوشْبُوشِية”. ويعني علاقة قربى، مبسطة، من دون حرج، مع رفع الكلفة، بين اثنين، حتى لو كان الطرف المعني بذلك : الله نفسه
هذه العلاقة أتبينُها بوفرة شديدة في ما يٌقدِم عليه صحفيون وكتابُ رأي وغيرهم ممن باتوا… فقهاء من تلقاء أنفسهم، وقضاةً في محكمة ينصبونها بأنفسهم، ساعة يشاؤون. يُجيزون، بل يُنهون خصوصا في ما للمؤمن، للمؤمنة خصوصا، ألا تُقدم عليه : فوق الركبة وتحت الركبة، فوق الحجاب وتحت الحجاب، وغيرها الكثير، من دون رادع أو موجب أو تكليف
والظريف في بعض مروجي هذا الخطاب، هو أنهم يَنشرون أخبارا ل”نجمات” على أن هذه أسقطت عالي فستانها (من دون أن يسقط إلا في العنوان فقط)؛ وأن تلك كشفت المستور بين قدميها (من دون أي صورة)؛ وأن ليلة الدخلة فضحت المخفي لأسماء وهمية واقعا
هذه المجتمعات تَحفل، مثل غيرها، بقصص قد تصدم البعض، أو بصورٍ تبقى “عفيفة” للغاية لو قورنت بغيرها، أو بما يتمُّ تسريبُه من فيديوهات صحيحة
الأكيد هو أن هذا الإعلام غير معني بالدين، ولا بالأخلاق، لا من قريب ولا من بعيد. ما يَطلبه هو تغذية خطاب القمع والمنع، الذي يحتاج إلى “ممنوعات” لكي تتأكد جدواه والحاجة إليه
الا أن من شروط الدعاية لموقعه، هي أن يستنكر، ويفضح، ويكذب غالبا، من أجل إثارة مزيدة لمن يدافع عنهم، فيما يستغل كبتَهم، ويثيره في الوقت عينه
الظريف هو انهم يتصرفون بوصفهم مكلفين مثل شرطة أخلاق، فيما هم يعتاشون من شهوة “البصبصة” عند مكبوتِين ومكبوتِين
الأدهى من ذلك، هو انهم “يَكشفون” (حسب لفظهم) “الديانة الحقيقية” لهذه أو ذاك من المشهورين، كما لو أنه أخفاها، أو تلاعب بها، أو كَذّب بخصوصها
هكذا بات عالم التدين الرخيص، والإثارة المبتذلة، يعول على إظهار مؤخرة لصيقة بتنورتها، أو على التلاعب بمعنى “المعاشرة” : بين أن تكون الممثلة قد أدت دورا مع زميلها الممثل على مدى أيام وأيام، أو مارست الجنس معه على مدى أبام وأيام… بات هذا كله عملة رخيصة يتداولونها كما في سوق خضار. هكذا يتسترون وراء ما يعتبرونه الديانة الشريفة، فيما يعملون على تصغيرها ورخصها
في الجاهلية، كانوا يصنعون آلهة بأيدبهم من تمر، ولمّا يجوعون، كانوا يأكلونها. أما اليوم
تعليقات 1