إخلاص فرنسيس
تكثر الحروب، تكثر القصص، يتفاقم الجوع، تزداد القصص، نكبات تتوالى، يغرق الأطفال، تُبتر الأطراف، تُقمع المرأة، تُهمّش، فتكتب القصص، تفقد الأمّ ابنها في جبهة قتال اقتيد إليها قسراً، يُسجن الوالد، يلون بوجعه جدران زنزانته، لوحات سريالية، يتكوم نحاس البنادق والرصاص، يجمعه الصبية، يُباع في السوق، يُشترى الخبز ليسد قوت جائع، تولد الفتاة، فتولد معها ألف قصة، في القمع هي الضحية، وفي المجتمع الذكوري كبش فداء، تُهجر، وتشرذم العائلات، تضيع الهوية، قوارب تغرق، تحمل على متنها الباحثين عن الأمل والأمن، وعن دفء وطن بديل، يعوّضهم عمّا فقدوه، فتُكتب قصص وقصص، هي انعكاس واقع دامٍ من الحرمان والقمع والنطع، رمال متحرّكة، ودوّامة تبتلع كلّ من يحاول عبورها وتخطّيها. هل هناك متّسع للحبّ؟
أم فقط كُتب علينا أن نعيش المأساة مرتين، مرة في أرض الواقع، ومرة أخرى نزف الأقلام على الورق؟
ما بين طرابلس الغرب وباريس وكندا ” امرأة على حافّة العالم”. هناك امرأة تنقلنا بقلمها، عزة كامل المقهور القاصة التي عاشت، وعايشت القصة، وترعرعت في بيت قاصّ، اختارت ان تكون صوت من لا صوت لهم، مشاكل الناس ومعاناتهم لهج قلمها ، الإنسانية والدفاع عن الحقّ المستلب مهمّتها في مكتب المحاماة كما في قصصها ،بيدها المقصّ والخيط والإبرة، الجرح وجب تطهيره قبل رتقه، الوجع لا بدّ منه، في الولادة، رحلة شاقّة وشائقة بداية من العنوان إلى زيتون والرجل وتيزان، إلى نهاية المجموعة تشقّ صدورنا بدويّ أنفاس شخوصها المتلاحقة، نغوص معهم، ونسبر أعماقهم في تحليل للنفس البشرية، وتجسيد مبدع لواقع عجنت وجعه مع الحرف، فولدت الكلمات في أبهى الصور. السلاسل تكبّل القلم، ولا إبداع دون أرضية صلبة من الحرية وخيال خلاق. هي لا تطرح الموضوع الليبي فقط، عزة كامل المقهور متعدّدة الثقافات، تعالج قضية اجتماعية وإنسانية تحت ظروف الشرق الذي يجمعنا حيث اختلط الحابل بالنابل، وشُتّت أقلام المبدعين حول العالم، لتعالج موضوع الرجل والمرأة والمجتمع
من بين القصص أعجبتني قصة الرجل حيث عالجت فيها القاصة عزة قضية أهمّية المرأة في بناء العائلة وبناء الفرد والمجتمع
لقد تعرفت إلى الأستاذة عزة من خلال هذا الفضاء الأزرق، وكانت نقلة نوعية لي لأتعرّف إلى الأدب الليبي المغيب عن الساحة الثقافية والأدبية العربية، ومن خلال قلمها، قد شرعت لي نافذة لأطلّ منها على عالم ساحر، واحات خضراء مسيجة بالرمال الذهبية كأقلامهم، من الأدباء الشعراء والمفكرين والمبدعين الليبيين أمثال الكوني، الصادق النيهوم، محمد بن الأمين، أميلة النيهوم، وأحمد الفقيه الذي قرأت له مؤخّرًا سأهبك
مدينة أخرى
يحتضن فضاء ”مقهى ريو الثقافي“ بتونس العاصمة أمسية للاحتفاء بالمجموعتين القصصيتين “امرأة على حافة العالم” و”بلاد الكوميكون” للأديبة الليبية عزة كامل المقهور، وذلك ضمن أنشطة “السقيفة الليبية بوابة ليبيا المستقبل الثقافية” في موسمها الثقافي 2021/2022
يقدم الندوة الإعلامي حسن الأمين، ويديرها الكاتب الصحفي نور الدين بالطيب، ويؤثثها كل من الفنان التشكيلي ومندوب ليبيا لدى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) علي العباني، والناقد يونس الفنادي، والكاتبة والشاعرة محبوبة خليفة، والأديب محمد الهادي الجزيري، والصحافية حذامي خريف، ومدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا رشيد خشانة. ويثري فعالياتها ثلة من الأدباء والمثقفين والفنانين من ليبيا وتونس
* العنوان: مقهى الريو الثقافي بتونس العاصمة/ 92 نهج راضية حداد شارع يوغسلافيا تونس العاصمة