شربل شربل
في الثالث عشر من أيلول، من العام ١٩٤٠، توفّي “فيلسوف الفريكة”، الأديب الكبير أمين الريحاني، على إثر سقوطه عن الدرّاجة، في ١٥ آب من العام نفسه
هاجر الريحاني إلى الولايات المتّحدة، وأتقن الإنكليزيّة، وحصّل ثقافةً واسعة.
عاد إلى لبنان، فعلّم الإنكليزيّة وتعلّم العربيّة، وبدأ ينشر مقالات في جريدة ” الإصلاح” مهاجمًا الدولة العثمانيّة
عاد إلى الولايات المتّحدة، ونشر سلسلةً من الكتب في موضوعات شتّى
مشاكسٌ، عنيدٌ، عاد إلى لبنان مرارًا وطالب باستقلاله، فنفته فرنسا إلى العراق
مجدِّدٌ، كتب الشعر المنثور، فمهّد لحركة الشعر الحديث
رحّالةٌ مغامر، ترك بصماته ونشر أفكاره، ومشاهداته، وتأمّلاته، ورؤاه، في أدب الرحلة، حيث درس الإنسان العربيّ، فردًا ومجتمعًا، في القرن العشرين؛وقد جاء هذا الأدب مثابة ردٍّ عمليّ غير مباشر على الأدب الاستشراقيّ، فجعل الغرب يقرأ الشرق بعيون شرقيّة
كاتبٌ ملتزم، يلازمه قلق وجوديّ، فهم أنّ وظيفة الأدب هي، قبل كلّ شيء، وظيفة تنويريّة شاملة، ونهضويّة تجديديّة تكسر الأنماط التقليديّة
مؤرِّخٌ وصحافيّ بالغ الدقّة، عميق التحليل، يوظّف الماضي في خدمة المستقبل
مفكّرٌ منفتح، آمن بأنّ الهجرة الحقيقيّة هي هجرة العقل، لذا، غرف من معينَي الشرق والغرب، وأذاب كلّ ذلك في شخصيّته الخاصّة المركّبة، وأسلوبه الشخصيّ الذي جعل منه مدرسةً في الكتابة، كما يبدو واضحًا من مؤلّفاته
كاتبٌ ملتزم، يلازمه قلق وجوديّ، فهم أنّ وظيفة الأدب هي، قبل كلّ شيء، وظيفة تنويريّة شاملة، ونهضويّة تجديديّة تكسر الأنماط التقليديّة، وتواكب روح العصر، مهما تعدّدت الأغراض الأدبيّة، وما أكثرها في نتاجه
إيّاك أن تحاول قراءته وأنت متكاسل على أريكتك، بعد غداء دسم، لأنّه، على احترامه للقارئ، يأخذ بتلابيبك، ويجبرك على الإصغاء إليه، ويدعوك إلى التحليق معه في أجواء ” المدينة العظمى” التي يلفّها روح كونيّ، وتتميّز بالحرّيّة والديمقراطيّة، وبإنسانها المتفوّق المرتكز على روحانيّة الشرق، وروح الفنون الغربيّة، وعلم العالم الجديد
كان جبران شديد الإعجاب بأمين الريحاني، وقد رسمه مرّات وجعله بمثابة المعلّم. كما خصّ كتابه الرائع “كتاب خالد” برسومات معبّرة
عذرًا، أمين الريحاني، فنحن ” أمّةٌ لا تقرأ”
عذرًا، أمين الريحاني، فنحن ” أمّةٌ لا تقرأ”، وأكبر دليل على ذلك أنّنا وقعنا في ما حذّرتنا منه ولم نستمع إليك؛ لقد قلت: إنّ الإصلاح الاجتماعيّ والسياسيّ لا يقومان قبل أن يسبقهما إصلاح دينيّ… إنّ إصلاح الأمّة يبدأ بإصلاح الفرد، وإصلاح الفرد يبدأ بإصلاح الروح”• وقد أثبتت الأيّام أنّك على حقّ
لجنسيّته الفكريّة، يقول الريحاني” كوخ في الفريكة، ومسرح في العالم”
وتبقى عملاقًا
*المقالة من كتابي” في مثل هذا اليوم” – دار سائر المشرق- ٢٠١٩