د. حسن مدن
من أي فصيلة أنتم: فصيلة «الطائر المبكر»، أم فصيلة «بومة الليل»؟
لعلكم خمنتم أن الموضوع يدور حول علاقتنا بالنوم، حيث يجري تقسيم الناس بين هاتين الفصيلتين، فصيلة الكائنات الليلية، التي يطلق عليها «بومة الليل»، وتحتها ينضوي أولئك الذين يحبون السهر الطويل، ولا يذهبون إلى الفراش إلا متأخرين، أما تحت فصيلة «الطائر المبكر» فينضوي أولئك الذين اعتادوا النوم باكراً والصحو باكراً
والقاعدة التي تصحّ على أشياء وصفات كثيرة في الحياة تصحّ على النوم أيضاً، حيث يقول الخبراء «قل لي كيف تنام أقل لك من أنت»!، تماماً كما يقال «قل لي من هم أصدقاؤك أقل لك من أنت»، أو «قل لي ماذا تقرأ وأقل لك من أنت».. الخ، فعلاقتنا بالنوم وطقوسنا المرتبطة به وبمواعيده تنمّ عن بعض صفاتنا الشخصية
المفاضلة بين الفصيلتين والمنضويين تحتهما صعبة، فلا يمكن أن نعطي الأفضلية لمن ينضوون تحت إحداهما مقارنة بمن ينضوون تحت الفصيلة الأخرى، وبحسب مختصة في الموضوع، هي الدكتورة كلير ستون، فإن «أنواع بومة الليل يظهرون مستويات متزايدة من الانبساط، أي أنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً واجتماعية». وعن خبيرة أخرى ينقل «كونهم ليسوا قلقين بشأن الذهاب إلى الفراش في وقت معين، فإن هذا يميل إلى جعلهم أكثر إبداعا»
الواقعون في خانة «الطير المبكر» الجاهزون للانطلاق بمجرد أن يرنّ المنبه، والذين يمكن وصفهم بالكائنات النهارية، هم بدورهم ميّالون لأن يكونوا أكثر سعادة وصحة وأكثر إنتاجية بشكل عام، ومن المحتمل أن تكون لهم سمات شخصية تتناسب مع متطلبات الحياة العملية اليومية، وحسب المختصين أيضاً «من المرجح أن يجمع الأشخاص الصباحيون معرفتهم من مصادر ملموسة وواقعية»
وهذا يعني أنهم أكثر ثقة تجاه التجربة المباشرة والأشياء التي يمكنهم مراقبتها بموضوعية وأنهم أكثر تحليلاً في تفكيرهم، ويعود ذلك «في المقام الأول إلى الإيقاع اليومي للطيور المبكرة الذي يتناسب بشكل جيد مع متطلبات التوقيت النموذجية لحياة العمل اليومية»
وقد يسأل سائل من هم الأكثر نجاحاً في الحياة، أهل «بومة الليل» أم أهل «الطائر المبكر»؟
لنقرأ أن المتاح من البيانات عن سير شخصيات مهمة وناجحة تظهر أنهم مزيج هجين من البوم الليلي وطيور الصباح. ولو أخذنا الكتّاب مثالاً، سنجد أن بعضهم يفضل العمل حتى ساعة متأخرة من الليل، فيما يفضل آخرون أن يصحوا مبكراً بعد نوم مريح وكاف ليبدأوا عملهم بلياقة ونشاط، حيث يكون الذهن في ذروة نشاطه، ومثله الجسد، وغالباً ما تكون أولى ساعات الصباح، بالنسبة لهم، هي الأخصب في العمل والإنجاز، قبل أن يبدأ الوهن يدب في الجسم مع حلول منتصف النهار