د ميسون حنا / الأردن
١- الحبل
ثمة حبل ملقى على الطريق ،نظر اليه الرجل ،وقال: الحبل متكور كأفعى ، قالت المرأة : حرره من ثعبانيته . قال الرجل: كيف؟ قالت: غير من وضعه ، اجعله انسيابيا ، أمسك الرجل الحبل وسحبه فامتد أمامهما ، ولكن الثنايا التي تشكلت هنا وهناك جعلته يتشبث بشكله الثعباني مما جعل المرأة تشمئز ، بينما ارتأى الرجل أن المعضلة تتفاقم إذ أن الحبل أعلن تمرده ، فمهما يحاول الرجل تصحيح وضعه ليكون مستقيما ، يستجيب لحظة في يد الرجل ، وما أن يفلته حتى يعود إلى ثعبانيته. صرخ الرجل : هذا الحبل مدسوس علينا ، قالت المرأة : خيانة . قال الرجل : أرفض تسلل الأفاعي إلى حينا ، وأمسك بالحبل وألقاه بعزم بعيدا ، وعندما غاب عن أنظارهما تنهدا بارتياح، وقبل أن يغادرا المكان إلى منزلهما كانت الصرخات والاحتجاجات تتوالى من الحي المجاور. تبادلا النظرات بقلق . أما الحبل الثعباني فقد ألقاه أحد الناس من الحي المجاور إلى حي آخر ، وهكذا أخذ الحبل يقذف من حي إلى حي ، وعمت الفوضى جميع الأحياء ، والحبل يتثنى ويزداد تشبثا بثعبانيته والأهم من ذلك أنه أصبح يعتقد أن له حق المكوث في كل من الأحياء التي تنقل بينها، فهي جميعها بيئة صالحة ليعيش ويتثنى
٢- الفخ
قالت الطفلة عندما رأت حبلا ملقى على الطريق لعلي آخذ هذا الحبل وأعطيه لأبي ليصنع لي أرجوحة ترفعني إلى النجوم ، هناك نجمة كبيرة تتلألأ في السماء ، طالما حلمت أن أمسك بها . تناولت الحبل ومضت ، لكن الحبل كان مع كل خطوة من خطوات الصغيرة يتلوى ويتشابك، أخيرا وجدت الصغيرة نفسها داخل شرنقة من نسيج الحبل ، أرادت أن تحرر ذاتها لم تستطع ، ولم تستطع كذلك أن تواصل طريقها إلى بيتها ، وعبثا حاول أبوها والجيران كافة تخليصها من الأسر . أخيرا قال أحدهم : دعونا نقص الحبل ونحرر الصغيرة ، وتناول سكينا واقترب من الحبل ، فح الحبل في وجه الرجل ، وتوعد بقتل الصغيرة لو حاول جرحه ، تبين للناس أن هذا الحبل ما هو إلا حنش خبيث ، وأدركوا ان الصغيرة هالكة لا محالة ، صرخ الأب : ابنتي … حث الآخرون حامل السكين كي يفعل شيئا ، وقال آخر لنشعل النار ، صرخ الأب : ستحترق ابنتي … أخيرا قر قرارهم أن يهاجموا الحنش جميعهم مهما كانت النتائج ، وانقضوا على الحنش الذي تحول إلى أحناش صغيرة متناثرة ، وأدركوا الصغيرة في اللحظةالأخيرة ، لكن الصغيرة بعد نجاتها لم تعد قادرة أن تحلم بأرجوحة بعد اليوم، لن تستطيع ذلك والأحناش المقتطعة من جسد الحنش الأب حولها في كل مكان
٣- الحبال
نظر الرجل حوله ، وقع بصره إلى حبل ملقى ، تناوله وقال : أربط فيه أمتعتي ، وفعل ذلك بمهارة ودقة ومضى ، وعندما وصل إلى البقعة المرجوة ارتأى أن يرتاح قليلا ، أنزل أمتعته ونظر حوله يستطلع المكان ، إذ بحبال متناثرة هنا وهناك تعجب الرجل وقال : لعل هنا في هذا المكان تصنع الحبال ، وضع أمتعته وهم بالجلوس ، لكن الحبال بدأت تزحف نحوه، أصابه رعب … تراجع للخلف ، الحبال واصلت زحفها ، أدرك أن لا نجاة له ، قال في سره ، ربما أحمل أمتعتي وأعود ، نظر إذ بالحبل الذي كان مربوطا بإحكام حول أمتعته قد تفكك هو الآخر وانضم إلى مجموعة الحبال الزاحفة ، وجد أمتعته مبعثرة ، أدرك أنه إذا أراد أن يحقق الهدف المرجو عليه أن يتغلغل بين الحبال ، وهكذا وجد نفسه اقتيد إلى قلب معركة لا بد من ولوجها ، كانت الحبال مسعورة تسعّر الرجل كذلك وانغمس في القتال ، التفت الجبال حوله … وجد نفسه فجأة أمام الحبل الأعظم الذي فح في وجه الرجل متهما إياه بالتسلل المريب إلى بلاد الأفاعي . قال الرجل : كذبت يا هذا هذه ليست بلاد الأفاعي . صرخ الحبل الأعظم : بل هي بلادها بعد أن زحفت إليها من كل صوب وتجمعت على أرضها وما أراك أيها المغرور إلاّ وقعت في المحظور ، نظر الرجل إليه مندهشا وقال : كنت أحلم باقتحام المجهول لأجد نفسي مقحما بمعركة تقشعر لها الأبدان . صرخ الحبل الآعظم : كف عن الثرثرة ليس بي من الحلم حتى أستمع إليك، وانقض نحوه ، فتراجع الرجل إلى الخلف ثم تسلل منسحبا من بين تعرجات الأفاعي تاركا متاعه يتقاذفونه بينهم ، هرب ولكنه كان يدرك في قرارة نفسه أن انسحابه مؤقت ، وأدرك أيضا أن ثمة مجهول آخر ينتظر ولكي تفتح مغاليقه عليه أن يخطط للمواجهة