مصداقية خل التفاح…في الميزان) Apple Cider Vinegar (ACV)
* استخدام الخل عند بعض الشعوب كعلاج شعبي للتخلص من بعض الأمراض معروفاً منذ القرن الثامن عشر إضافةً لدوره الهم في حفظ الأطعمة كقاتل للميكروبات والجراثيم.
* وفي السبعينيات بدأ بعض الأشخاص السمان يتناولون خل التفاح كطريقة لإنقاص أوزانهم. اكتسب خل التفاح فبل فترة قصيرة شهرة واسعة النطاق في هذا المجال بعد ظهور نتائج دراسة جرت في لبنان ونشرت في آذار من عام 2024 في مجلة محكَّمة هي
BMJ Nutrition, Prevention & Health

ذكرت فيها أن المشاركين في الدراسة الذين كانوا شباباً ومراهقين يعانون من زيادة الوزن والسمنة فقدوا من أوازنهم بمقادير تتراوح بين (6-8) كيلوغرام (مايقارب %9)، وإنخفاضاً في مؤشر كتلة الجسم (BMI) بمقادير تتراوح (2.7-3.0 كجم / م²) مقارنة بخط الأساس،
بعد تناولهم لخل التفاح (ACV) بكميات من 5 إلى 15 ميليلتر صباح كل يوم وطيلة فترة 12 اسبوعاً.
*تزامن نشر نتائج الدراسة المذكورة في عام 2024 مع شيوع وانتشار ثقافة تخفيض الوزن لأسباب صحية وجمالية بعد دخول الأدوية: ozempic و Wegovy، ومن ثم Mounjaro و Zebound إلى الأسواق العالمية واعتمادها رسمياً في الكثير من الدول لتنظيم أوزان المرضى المصابين بالسكري النوع الثاني، والأصحاء السمان الذين يعانون من زيادة الوزن أو البدانة على حد سواء، وتهافت مشاهير الإعلام والتمثيل على الترويج لها ما أحدث نقصاناً ملحوظاً في توفر هذه الادوية في أسواق عالمية عديدة في تلك لفترة ما أثرت سلباً على مرضى السكري النوع الثاني. هنا ظهر الإهتمام بنتائج دراسة خل التفاح (ACV) من قبل فئات عديدة من المجتمع بضمنها الأفراد، والباحثين المهتمين بهذا المجال والشركة الأساسية المنتجة لخل التفاح التي استثمرت هذه الفرصة الذهبية لترويج منتجها هذا، والتي أيضاً وجدت لها محلاً كبيراً من الترحيب والترويج من قبل المشاهير والدكتور محمد أوز الشخصية التلفزيونية المعروفة والذي اختاره لاحقاً الرئيس الأمريكي الحالي لإدارة الوكالة الفيدرالية المسؤولة عن الرعاية الطبية والطبية، فتهافت الكثيرون على تناول ملعقة طعام من خل التفاح (ACV) قبل وجبة الإفطار الصباحي كوسيلة آمنة وسهلة لاتحتاج لجهد لتخفيض أوزانهم. اكتسبت هذه الدراسة انتشاراً واسعاً بين المشاهير والمؤثرين لانتفاء الحاجة إلى مراجعة الطبيب أو الحصول على وصفة طبية للحصول عليه، ولرخص ثمنه وسلامة استعماله النسبية.
*لم يشعر المتابعون المختصون في هذا المجال بالارتياح من نتائج تلك الدراسة، والترويج لخل التفاح(ACV) كحقيقة مطلقة لتخفيض الوزن، بل اعترتهم الريبة والشكوك من مصداقية وعلمية قيمة ومقدار الوزن الذي خسره المشاركين في الدراسة الذي كان بنظرهم غير معقول، والذي قارب التأثير الذي كان يحصل عليه الأفراد الذين كانوا يتناولون أحدث المنتجات الموصوفة المكلفة الثمن مثل Ozempic وWegovy، فوصلت، ومنذ نُشِرَ البحث، إلى هيئة تحرير المجلة رسائل عديدة من العلماء و المختصين كما في نتائج الدراسة وأظهرت عيوبها. وجد تحقيق المجلة بعد ذلك أن بيانات الدراسة غير موثوقة وكانت هنالك أخطاءً متعددة، بما في ذلك عدم توثيق البيانات الأصلية لنتائج التجارب، القيم الإحصائية “غير المعقولة”، التحليل الإحصائي الذي استعمل في البحث كان غير ملائماً، وعيوب في تصميم الدراسة، وعدم تمكن مجموعة من الخبراء المستقلين في تكرار النتائج، وفشل الفريق البحثي في الإجابة عليها، مادفع بهيئة التحرير لاحقاً بسحب ذلك البحث “الشهير” من المجلة في شهر أيلول من هذا العام 2025 . أعتبر الخبراء المختصون أن سحب البحث كان تصحيحا ضروريا للتأكيد على أهمية مصداقية البحث العلمي ومنهاجه، وعزز ذلك من الشكوك الطويلة الأمد حول استخدام خل التفاح(ACV) كوسيلة مساعدة لفقدان الوزن. لكنه من المهم والجدير ذكره هنا هو أنه لا يوجد في الوقت الحاضر من الأدلة الصحيحة التي تنفي أو تؤكد دور خل التفاح في تخفيض الوزن.
*ولكن، وعلى الجانب الآخر فهناك من وجد بعض الفوائد المحدودة القائمة على الأدلة لخل التفاح (ACV) من دراسات وتجارب ارتبطت بالتأثيرات الصحية العامة لحامض الخليك. ومن ضمن مانشر في الأبحاث أن استخدام الخل ينظم مستوى السكر في الدم. نتيحة تحسين حامض الخليك لحساسية الأنسولين وخفض مستويات سكر الجلوكوز في الدم بعد الوجبات، خاصة بالنسبة للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 نتيجة إبطاء عملية تحول الكربوهيدرات إلى سكر الكلوكوز، وكذلك إبطاء ظهور حالة مقاومة الأنسولين، مع حصول انخفاض طفيف في الكوليسترول الكلي والدهون الثلاثية وزيادة في الكوليسترول الجيد (HDL)، وهنالك من أشار إلى أن تناول خل التفاح (ACV) بكميات محدودة يحافظ على صحة الأمعاء نتيجة احتوائه على البكتريا الصحية المفيدة والمعروفة بإسم البروبيوتيك (probiotics)، التي يمكن أن تدعم ميكروبيوم الأمعاء من النوع المفيد، وأنه يساعد ويزيد على الشعور بالشبع لفترة أطول بعد الوجبات، مما قد يؤدي إلى تقليل السعرات الحرارية.
*لكنه لاتوجد في الوقت الحاضر أي استدلالات على أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية(FDA) قد أقرت أو اعتمدت من هذه التأثيرات الصحية لخل التفاح الأبيض (ACV)، و لازالت هنالك حاجة ماسة إلى دراسات واسعة ومحكَّمة لإثبات واعتماد هذه الفوائد في العلاجات. وأن هنالك من المحاذير التي قد تمنع بعض فئات الناس من استعماله مثل الأفراد الذين يعانون من ارتجاع الحامض المعدي أو أمراض الكلى أو انخفاض مستويات البوتاسيوم ويتطلب الحصول على الاستشارة الطبية الصحيحة.

د.ص. غازي التميمي
30 تشرين الأول 2025