نزوهتي وأنا،
الله يحميك يا أمي
أغسلُ وجهي بحضنِكِ
ترشفُ أذنايَ نغمةَ الرّوحِ،
تغازلُ أناشيدُكِ عزلتي،
لم يكنْ من تجربةٍ،
كي تطلقي أسرابَ الحنينِ،
وتوشّي حياتي برنينِ الشوقِ،
تمسُّ شغافَ قلبي،
فتنفضُ حروفي
تحملُني على التجوالِ
في أغوارِ نفسي،
تغبطُني مثلَ همسِ المطرِ،
تتلقّفهُ أوراقُ الشجرِ،
تلكَ العواصفُ الرقيقةُ
والمآقي الغائمةُ مجبولةٌ بالحنانِ،
تنبضُ بحبٍّ لا يُفسّرُ
ذلكَ الحبُّ الذي ينسابُ خفيّاً
ينفذُ إلى أغوارِ الوجودِ
يقودُنا بتلكَ الحرّيةِ الجذلى الباسمةِ،
إلى حياةٍ نديّةٍ،
حيثُ لا تنتهي هباتُ الأمّ،
يغمضُ الليلُ عينَهُ،
فينشقُّ الفجرُ من عينيها
مثلَ زهرةٍ منيرةٍ، ويمتلئُ الوقتُ،
بأمواجٍ من لذّةٍ وألمٍ،
وفي الظهيرةِ القائظةِ
تكونُ ماءَ الشفقِ، تبلّلُ يبابَ عالمنا،
تعبّدُ بالحبّ طرقَنا،
يصمتُ النهارُ، يغلقُ المساءُ جفنيهِ
على الحقولِ الممتدّةِ يغلّفها الدجى،
تصهلُ شمسُ الأفقِ في البحرِ
يضمّها شيئًا فشيئًا،
مخلّفًا أغنيةَ النوارسِ
ورائحة النهارِ والزيتونِ والزعترِ،
فنعشّشُ فوقَ زنديها كما العصافيرِ على الأغصانِ،
يغالبُ النعاسُ الجفونَ، تضمُّنا إلى صدرِها،
تلامسُ الجبينَ بعذوبةٍ، بقبلةٍ مباركةٍ،
وحينَ يتلظّى الليلُ بالأحلامِ،
تطلُّ من نافذتِهِ
تشرعُ الأبوابُ على مصاريعِها
أغنيةٌ تهدهدُ سريرَتنا
في رابطةِ الحنانِ المقدّسِ
في أراجيحِ الطفولةِ
وتسابيحِ الأمومةِ
شمعةٌ لا تنامْ
في أبدِ الظلامْ
منها الأصولُ
والفروعُ في السماءْ
كلُّ ما في الكونِ أضغاثُ سرابٍ
وهي ماءْ