فاطمة رحيم
في صغري لم يكن الأمر ذا أهمية
كنت أجيد اللعب دون أن أسأل
بدأت المعاناة مع السؤال الأول
– هل هذا هو اسمي الصحيح ..؟
كان عدد أفراد أسرتي يفوق الخمسين
“لا أكذب”
المكان الذي شهد بكائي الأول كان مبنى كبيرًا يضم بداخله الأيتام ومجهولي النسب
و لسوء حظي التعيس كنت من ضمن الفريق الذي جاء إلى الدنيا عن طريق الخطأ
ساعة متعة أدت بي إلى هذه الحفرة من العالم
قصتي
لم أعد أخجل من الحديث عنها
برغم أنني من المسكوت عنهم في هذا المجتمع
ليس ذلك فحسب
بل أرجَمُ أيضًا لأسبابٍ لم تتسخ يدي بها
كنت واحدةً من بين الكثير من الأطفال الذين يعانون من سوء الحياة،
وليس من سوء التربية
لأنني لا أعرف حتى كيف هو مذاقها
أن تنشأ داخل دارٍ للرعاية
يعني
أنك ستعيش أكثر من نصف عمرك
تحت رحمة الأوامر
بجانب خوفك وحرمانك من العناق الآمِن
– هل هذا هو اسمي الصحيح ..؟
الإجابة
أنني جئت بلا هوية
لا اسم أحتمي به
و لا جدار
حين أفكر أنني قضيت تسعة أشهر داخل رحمٍ لا تعرف صاحبته الرحمة
أرتعش
تسعة أشهر تحمل ذنبها
ثمّ ترميه بجانب الرصيف
أو داخل صندوق القمامة
لأحمله أنا بدلًا عنها طوال حياتي
أين العدل في ذلك ..؟
ما الذي ارتكتبه لأصبح من المنبوذين
الذين لا يجدون ملجأ من دمهم ولحمهم
يرتمون فيه عند الضرورة ..؟
الانطواء
حلٌ مثالي
كي أبتعد عن الكوابيس التي تلاحقني في كل مكان أذهب إليه
فمنذ ولادتي
لم يكن بوسعي أن أختار المكان الذي أعيش فيه
أو ملابسي
أو حتى اختيار الطعام الذي يحشرونه داخل فمي
ليس من العدل
أن يكون جسدي مأوى لكل الأمراض التي تصيب
الروح
التعثر
الخجل
الكذب
و الإنسحاب أغلب الوقت
الحُبُّ
جربتُه مرةً واحدة
عندما احتضنتني أسرة بديلة
شعرت بحلاوة أن يكون لي غرفة خاصة بي
شعرت بدفء الكلمات التي لم أسمعها من قبل
– صباح الخير
تصبحين على خير
هل أنتِ جائعة ..؟
أتريدين بعض الحلوى ..؟
شعرت بإحساس كان أبعد ما يكون عني
أن تلمسني يدٌ دافئة
دون أن تعبث بجسدي
ثمّ ماذا ..؟
تخلوا عني لسببٍ عصي على فهمه
لا ألومهم أبدًا
فمن قبلهم تخلت عني من عانقني رحمها
وهرب من زرع فيها نطفتي
أدعو أن يضيعهم الله
و ألا تجد أجسادهم ملجًأ غير القبور
–
–
–
****