علي سليم
ماجدة الرومي أيقونة من لبنان
عيون الجمهور قد تكون دمعت، حين انهال الصوت الملائكي. هي ليست أمسية غنائية، هي لحظات واسعة نادرة، اعلن فيها أكثر من انتصار. ماجدة الرومي احتلّت مسرح سوبر دوم في عروس البحر الأحمر جدة الحبيبة الغالية على قلبي وقلوب اللبنانيين، واجتاحت أيامنا الحلوة والمملكة ومساحات الوطن، بالصوت وقامة الكرامة الممشوقة، فكان الانتصار الاول.
لبسها الأزرق الملائكي والشعر الاسود المسدول، وباحت بانها ما رح تزعل ع شي، ما رح تبكي ع شي، ما رح تندم ع شي، لكنها ومن دون أن تدري، عممت فعل الندم، ليس بين الحضور فحسب، بل دمعة تفاوتت بين الشجن والفرح، انما الندم على وطن لا يعرف الندم، على ما يقترفه بحقّنا من حبّ غير متبادَل. هذه امرأة تجعلك تسأل كيف يمكن لوطن يسكنه كل هذا الجمال، أن يقوى على مساكنة كل ذاك الشرّ أيضا. وهي تحلم بلبنان هدايا بالعِلّب، تستفيق من هوْل الاسئلة، تتذكّر أيضا ان لبنان الذي راجع يتعمّر، هو أمانة بأوتار الصوت المسكون بحبّ أبناءه وبحبّ هذه الارض.
كانت ليلة مجنونة. حيث قالت ماجدة لكل الحضور نحنا منحب بيروت ومنحب لبنان عالمرة قبل الحلوة ومستعدين نموت عالطريق بوطننا وراسنا مرفوع ، جُن الحبّ العالق في الاعتزال حينا، وفي الخيبات مرارا، وفي القلب الذي يرفض أن يعبّي حدن مطرحك بقلبي. وجُنّ أيضا حبّ من غير نوع، حبّ يجعل القلب يرتجف فرحا ويدمع سعادة ويغرورق زعلا، على وطن أكثر ما يمكن أن يفعله بمحبّيه، أن يمنحهم من وقت لاخر وساما. نالت السيدة ماجدة وساماً. لا يُعلّق وسام على صدر ماجدة، هي وسام على جبين هذا الوطن وفوق كل أرزة فيه.
انتصرت ماجدة كالعادة. انتصر الحب في ماجدة كالعادة،. هي عاهدت الحضور على أن تناضل بصوتها من أجل وطن حر سيّد مستقل، لكن تلك الليلة كان الوطن الواقعي، عندها كان الوطن الحلم يتجسّد في صوت امرأة، وكلمات امرأة ليست كالنساء ولا كلماتها كالكلمات، ولما أطفأ المسرح أنواره، عاد كل شيء الى مكانه…الا ماجدة. خرجت منتصرة وخرجنا مهزومين. ليس لاننا لا نملك نعمة هذا الصوت، لكن لا نملك عظمة الرسالة التي يحملها صوت، صار أبعد بكثير من حدود الغناء والألحان، صوت صار ملك ناس لبنان الأحرار، وأيقونة النضال.