فاطمة رحيم
عدت إليه كأني وبعد طول غياب فزت بالعودة إلى قلقي. غريب، أن أشعر بكل هذا الاختناق حتى في تفاصيل ملامحي وملابسي وصوتي
هل ما زال يعرفني أو يتذكر أصابعي وأظافري، وجسدي أم أنني أصبحت نسخة أخرى سيتعرف عليها من جديد.
لم يعد بإمكاني أن أقول بملء فمي: نعم، أعرفه فمن البعيد جدًا أن تكفيني لمسة واحدة لإعادة الذاكرة إلى حيث كنا بنفس القوة السابقة
تراودني الحيرة، هل هذا هو؟ الرجل الذي كان يجعل ناره تنشب بلحمي وعظامي بنظرة واحدة. الآن يلفه الصقيع من كل جانب وأجدني أشترك معه في نفس الخيبة
” مرحبًا ” تدحرجت من فمي ببطء، لم يكن بيننا قبل ذلك أي مرحبًا .. كنا نتبادل كلمات أخرى أكثر سخونة ” اشتقتك، اشتهيك
ثم تأتي كيف حالك، سؤالٌ يرتكبه العاديون لكنني سألته بحكم أننا الآن غرباء، وكانت بخير إجابة مقنعة إلى حد ما لا أشك في صدقها
هل نبدو بهذه الغرابة التي أراها فينا؟ لقد كنا مألوفين لبعضنا البعض، لكن الأمر قد حدث بالفعل ولفظ كل منا الآخر بخارجه كما يلفظ البحر كل ميت
لماذا العودة؟ ليست عودة وإنما استعادة، أردت أن أتأكد من أنني نسيت، أنني تحررت من احتلال البدايات لي، أردت أن أبتعد عن هواجس الليل التي تذهب وتجيء كلما حلت سيرته
أردت أن أثبت لقلبي أنني شفيت من الوقوف على حوافه وأنني أخيرًا أصبحت ملكًا لي. وليس لذكرياتي معه