د. عماد فغالي
في يوم الوطن، عَودٌ إلى الوطن غريبٌ ودلاليّ. تنطلق من بيننا روحان إلى رحابِ وطنهما الفوق، حيثُ سكناهما لم يكن إلّاه، تلك الصبغةُ الفنّانان، لم يعيشا ههنا إلّا في علُ! ويعودان جسدًا إلى الوطن “الأرض” الذي أنجبَهما في الانتماء الإنسانيّ. إلى الوطن جبيل، كلٌّ في تربةِ قريته، تحطّ عالميّتُهما في المساحةِ المعطاء التي من أجوائها حلّقا في انفتاحات المدى
في يوم الاستقلال، يستقلّ روميو لحّود العمشيتيّ وبيار شديد الشاماتيّ، مركبةَ الأبد، يتفلّتان من الحسّ الزمنيّ واللمس المكانيّ، ويرتفعان قاصدَين الرحُبَ الواسعة، يؤمّان منابعَ الإلهام المجرّدة، ويستقرّان في النجُمِ الضوئيّة اللمعاتُها أشرقتْ في كلّ إنجاز إبداعيّ أتياه عبر مسيرتهما
كتبَ روميو وبيار على صفحاتِ عالمنا، خطوطًا من فرحٍ دائم، يتكلّم عليها الزمنُ ملءًا متواصلا. كلُّ عَودٍ إلى أعمالهما، وكلّ ذكرٍ لاسميهما سيقطعُ الهمّ في المسامع راسمًا ضحكةً في النفوس المسجّلة شوقًا إلى الحلاوات
الحبيبان، لا أضيف جديدًا في تعداد مآثرَ قدّمتماها بموهبةٍ من عند أبي الأنوار، صقلتماها علمًا وتخصّصًا عاليين. مآثرُ تبقى بيننا تهذّبُنا وتدفق علينا فوائدَ من قيمٍ وتراثات. هذه تحملانها في ارتحالكما زادًا في السفر، جوازًا لا لحلّكما في أرض الإلهيّات، لكنْ لنا الذين عرفناكما ونعمنا بماسِ عطاياكما، حسبُنا نمرُّ بختمها عبرَ كلّ جمالٍ يفتح علينا
اليوم، في سكناكما تربةَ عمشيت وشامات، تجبلانها درًّا خامًا في حبّ وطنٍ ليس “لبنانَ” إلاّ قيمةَ كلٍّ منكما… هكذا نحن مواطنيكما نقاربُ تعزيةً أنْ بفقدكما نغنمُ رغمًا