د. عامر هشام الصفار
قرّر سالم اليوم التجّول في ساحة الفناء وسط مدينة مراكش
الشمس تكاد تشوي الوجوه، ورائحة كريهة تلّف المكان.. ألتفت جهة اليسار فأذا بقرد صغير تبدو عليه علامات القذارة يعتلي رأسه وهو يكّرز حبّات ألتقطها من الأرض..أهتز جسم سالم منزعجا..وألتقطت له زوجته صورة فوتغرافيّة..فيما راح “قرد” أكبر يقلّد حركات القرد الأصغر طالبا للمال..درهما بعد درهم
الدليل
يوم مشمس بارد.. ورجل سبعينيّ يسعى.. فارع الطول بلحية بيضاء قصيرة، وجلباب مغربيّ أمتّد غطاؤه حتى رأسه الصغير..كان “جميل” دليلي السياحي، وأنا أزور مراكش لأول مرة..طفق يحدّثني عن نفسه ولغاته الخمس التي يتقن وعلمه وثقافته..وكم هو حليم وصبور وسمح..أحتّج عليّ “جميل” ولم يتمالك غضبه عندما رآني وقد أشتريت جريدة ليست من الجرائد التي يفضلّها..تركت الدليل متقصّدا بعد أن أضعته في أحضان ساحة الفناء الأبدي
خطأ طبي
لم ينتبه الجرّاح (الحاذق) الى أشعة المفراس الدقيقة وهو يستكشف دماغ مريضه “جاسم” الراقد في مستشفى الجملة العصبية..فتح الجرّاح قحف الجمجمة من الجانب الأيسر فلم يجد التكتل الدمويّ الذي رآه في الأشعة الأولى..أنتبه أكثر فأدرك أن المرض في جهة الدماغ اليمنى..فتح الجرّاح الجهة الثانية..وجبينه يتفصّد عرقا بعد أن أخذ منه التعب كل مأخذ..في اليوم الثاني وبعد أن أفاق المريض من غيبوبة التخدير حكى الجراح لمريضه ما حصل..بعد يومين أستغرب الطبيب الجرّاح عندما قال له جاسم أن أصدقاءه من المرضى في الردهة، يشكون كلّهم الصداع بعد أن فتحت أقحاف رؤوسهم من جهة واحدة فقط..الاّ هو..وهو المفتوح رأسه من الجهتين
أبتسم الطبيب بخجل وجاسم يقترح عليه أن يجري عملياته منذ الآن فصاعدا كما أجراها له..ولو عن طريق الخطأ
مربّع
وضع أمامي مربّعا على ورقة بيضاء كبيرة.. رسم تسع نجمات صغيرات على حدود المربّع ومنتصفه.. طلب مني أن أربط بين النجوم بخطوط أربعة وبقلم لا أرفعه عن الورقة أبدا.. حاولت وحاول صديقي.. حاول جاري وأقربائي.. كلنا لم ننجح.. وحدها أبنتي الصغيرة، خرجت بقلمها خارج الصندوق المربّع، وربطت النجمات مع بعضها بدقة