غرفة 19 في عيد الموسيقا، هل هناك من يستحق التكريم أكثر من المؤرخ الموسيقي وليد خويص
مقال بقلم الشاعر جميل داري
المؤرخ الموسيقي وليد خويص
هل رأيت كائنا موسيقيا يشعّ على روحك، ويفتح قلبه، ليقول لك
أنت هنا في متحف الموسيقا العربية في الشويفات لمؤسسه المؤرخ الموسيقي وليد خويص الشغوف بالموسيقا العربية والعالمية منذ نعومة أظفاره، فقد انتقلت إليه “العدوى” من والده الذي كان سمعه ثقيلا، فكان يطلب رفع الصوت ليسمع فريد وعبدالوهاب وأم كلثوم، وقد صحّت هنا عبارة: ” ربّ ضارة نافعة”
الكثير من الأماكن الصغيرة كبرت بعباقرتها كما “جيكور” قرية السياب، وكما “الملاجة” قرية محمد عمران، وكما “بسكنتا” قرية ميخائيل نعيمة
وها هي الشويفات اللبنانية ترتبط باسم ابنها البار وليد خويص
هذا المكان الساحر بأهله وبعالمه الموسيقي الواسع يأخذك من عالمك الضيق ، يجعلك تطلّ على التاريخ بكلّ جماله وجلاله ، فتاريخ الموسيقا وحده لا يحتمل الكذب والتزوير ، وأنت تسمع الموسيقا الصافية، وتعود بك الذاكرة إلى الوراء قليلا أو كثيرا، وتتمنى ألا تغادر المكان، ففيه كلّ أحباء القلب وأساطين النغم
يعود تاريخ إنشاء هذا المتحف إلى عام 1986 حيث كان الأستاذ وليد مدعوا إلى الألعاب الأولمبية في موسكو، وفي المسرح القومي الروسي سمع معزوفات عالمية لباخ وبيتهوفن وآخرين، وفوجئ بموسيقا فريد الأطرش وأغانيه: يا زهرة في خيالي، وساعة بقرب الحبيب
كما أنه يعرف تاريخ كلّ أغنية ومناسبتها، من ذلك مثلا أغنية “بحبك مهما قالوا عنك” حيث كان فريد يحب سامية جمال، وأرادها للزواج، لكن أهله رفضوا ذلك فأصيب بحالة نفسية عبر عنها مأمون الشناوي بكلماته الجميلة
عندما استمعت إلى الأغنية تسرب إلي إحساس غريب من الدهشة والإعجاب ،فليس أجمل من أن تكون وراء الأغنية قصة حبّ فاشلة تصنع نغما خالدا لا يشيخ ولا يفنى، وقد عبر جبران خليل جبران عن هذه الحالة حين قال
أعطِني النّايَ وغنِّ فالغنا سرُّ الوجودْ
وأنينُ النّاي يبقى بعدَ أنْ يفنى الوجودْ
…
يطيبُ المكانُ بطيبِ النّغمْ فروحُكَ دونَ الأغاني صنمْ
هو العودُ يجعلُ منكَ شعاعًا وقد كنتَ قبلُ صريعَ الظّلمْ
هو النّاي يجعلُ روحَكَ نبعًا يفيضُ.. يفيضُ بكلِّ النّعمْ
إذا ما خلا الكونُ من نغمةٍ تحوّلَ ..صارَ قطيعَ غنمْ
…
هذه قطرة من بحر صديقنا الجميل وليد خويص