المرأة التي عبرت الطريق باكية ، استندت على الشجرة الواقفة هناك عند الشاطئ ، التصقت بها حد التوحد ، المرأة التي كانت تعاني احتقانا في مشاعرها سالت نعومتها على الشجرة ، ثم غادرت المكان متوغلة في البحر ، ولم يعد يراها أحد.
صباح اليوم التالي غمر الشاطئ رائحة الأنوثة التي لم ينتبه لها أحد ، فقط تشربتها الشجرة فتغيرت خواصها ، و استجنّت مشاعرها ( نعم نمت مشاعرها الشجرية متجاوزة نباتيتها) .
الشجرة التي تأنست تشرّب قلبها حب الحياة واستكانت لمشاعرها الجديدة ، ولما كانت المرأة قد نسيت أن تمنحها أقدامها ، ظلت الشجرة في موقعها تراقب المارة ، وتتأمل المرتكنين إلى جذرها الرشيق.
مع الوقت نضجت مشاعرها فوقعت في غرامه ، ذلك الرجل الذي يفوت ليلا يقرأ الموج ، ويعيد تشكيل السطور في صفحاته البيضاء ، فيعود كل يوم بقصيدة .
من موقعها كانت تراه ، وبقلبها كانت تراقبه ، وبمشاعرها كانت تتنسمه فتتطاول أكثر ، امتلأت به وحين أرادت أن تلمسه أعجزها الطول فالتزمت الحزن.
أمس حين مر الرجل حاملا أوراقه، لم يكن شعورها بالامتلاء كافيا لتظل مكانها ، فراحت تتبعه .
في الصباح وحده فقط تنبه إلى شجرة قريبة من نافذته ، شجرة طويلة تظلله لم تكن هنا من قبل .