لم يكن من السهل ايقاظي من النوم صباحا فكانت امي تستعمل كل وسائل الترغيب من تبويس ومداعبة ودغدغة قبل ان تلجا الى الترهيب كرفع الغطاء وفتح البرادي واحداث الجلبة …
ثم يبدأ يومها الروتيني . وعلى غير عادة نساء الحي ما كانت امي لتخرج من بيتها الا بكامل اناقتها حتى ولو الى اقرب دكان وكذلك هو الحال حين كانت توصلني مشيا على الاقدام الى مدرستي القريبة . اذكر انها كانت تعيد النظر مرات ومرات الى ثوبها المكوي النظيف تحضيرا لرحلتنا القصيرة.
كانت تحمل شنطتي بيد وزوادتي اليومية باليد الاخرى.اما انا فكنت اتعلق بطرف ثوبها متمسكا به بقوة كي لا اضيعها. وبالرغم مما كانت ترتكب يداي الصغيرتان بفستانها من ترطيب وتعرق وجعلكة الا انها كانت تودعني بابتسامة عريضة وقبلة كبيرة على خدي.
في حفل زفاف ابن اخي وكانت قد قاربت الخمسة والثمانين من العمر واصابها بعض من الالزهايمر، كنت أهم بمساعدتها على النهوض من كرسيها فتشبثتْ بقوة ببذلتي الرسمية السوداء تجنبا للوقوع. فارتبكتْ وتوترتْ ونظرت اليّ نظرة اعتذار عما لحق ببذلتي من أذى . اقتربت منها وابتسمت ابتسامة عريضة وقبلتها قبلة كبيرة وقلت لها : هيا يا أمي… لنذهب الى المدرسة.
جميلة ومختصرة برائحة الطفولة . سلمتم