في دراسة علمية صدرت أخيراً، ثمة مبادئ توجيهية لكل الآباء تتعلق بكيفية تعرض الأطفال لما سمّته «الشاشة الصغيرة» التي تشمل أجهزة الهواتف الذكية، وأجهزة «الآيباد» وأمثالها. ونبّهت خلالها إلى أن سنّ الأطفال الذين يحصلون على هذه الأجهزة أصبحت أصغر، بسبب اعتقاد الأهالي أن ذلك يساعدهم على التعلّم، وكذلك لأنها تمثّل «مربّيات إلكترونية»، حيث يحاول الأهل عبرها الحصول على قليل من الهدوء، بانشغال أطفالهم مع هذه الأجهزة.
بالصورة العامة توصي الدراسة لمن هم دون ثمانية عشر عاماً، بالامتناع عن الألعاب على هذه الأجهزة، أو مشاهدة التلفزيون على هذه الشاشات، مع استثناء نوعية برامج تتضمّن ألعاباً مفيدة، أو رياضات مسلّية، أو موسيقا منعشة، وما يشابهها، وكذلك على الأهل مراقبة ما يشاهده أطفالهم باستمرار.
لكن المشكلة الآن تكمن في المراهقين من الجنسين، فتعلّقهم بـ«مواقع التواصل»، أصبح خطراً .
فهذه المواقع ممتلئة بالأصناف المتعدّدة من البشر، منهم الواعون المثقفون والمبدعون بمجالات شتّى، الذين يقدّمون أشياء مفيدة ملهمة، ومنهم العاطلون الذين يمضون أوقات فراغهم في هذه المواقع، للتسلية، ومنهم صيّادو الفرص، أو صيّادو المراهقات، حيث يغرونهنّ بمعسول الكلام أو الصور الجاذبة أو الوعود البرّاقة.. فتقع هؤلاء المسكينات في الحبائل، وتبدأ قصص معقدة، أكثر نهاياتها مفجعة ومؤلمة..
وما حدث مع الفتاة التي انتشرت قصّتها، خير دليل على هذه المآسي المؤلمة، فقد تعلّقت الفتاة، عبر أحد مواقع التواصل، بشاب أبهرها بالكلام المعسول والوعود الخلّابة، فتعلّقت به، وجرت بينهما قصة شائكة كان أبوها وإخوتها طرفاً فيها، فكان حلّ الشاب المخادع، اللجوء إلى المخدِّرات، ما أدى إلى إدمان الفتاة، ووصولها إلى مرحلة خطرة، ألجأت ذويها إلى الاستعانة بمركز العلاج السريع.. حيث أنقذها من مصيرمؤلم.
هذه المواقع مشكلة عامة وعالمية، حيث يعاني معظم الآباء في العالم نوعاً من إدمان الأطفال عليها.
وكل ما تسعى إليه الإدارات المعنية في جميع الدول، من شرطة وأمن وصحة، تراجع أعداد المصابين، وارتفاع أعداد المتعافين، من هذا الوباء والإدمان، والوسائل المتّبعة كثيرة ومتنوّعة..
نرجو أن نطمئنّ بأن القادم أكثر أماناً، لكن تبقى مراقبة أبنائنا في استخدام الأجهزة ضرورية جداً لحمايتهم، وتوجيههم إلى الأكثر فائدة، خاصة القراءة، وخاصة في أيام العطل، ولا بدّ من تزجية الفراغ بما يفيد، فضلاً عن حماية عقولهم ومعرفتهم من اقتحامات سيّئة المضامين والتوجّه. أبناؤنا مستقبلنا المشرق، والمحافظة عليهم أولوية.