كل شيء له دور في تربية الإنسان فهو يتأثر بكل ما حوله منذ ولادته وذلك بداية من الأسرة باعتبارها لبنة المجتمع وحتى المدرسة والنشاطات المدرسية والجامعة،الصحافة، الإعلام، الفن، والادب فهم ضيوف تنقل رسالة تساهم في توعية الفرد والمجتمع، تشارك في تنمية الفكر والتفكيرو الوعي والإدراك وترسيخ المعتقدات وتشكيل الشخصية والوجدان، كما انها تنقل انطباع خاص للعالم الخارجي عن الواقع الذي تعيشه تلك البلد.
فإذا شاهدت المسلسلات التركية على سبيل المثال ستشعر بالانبهار والانجذاب والشوق لزيارة تلك الأماكن، فكل مكان به الآلام والضعف والقوة، وكل مجتمع يحل به عصر ما وينهار. لكن هل يوجد شخص يظهر عيوبه بل يحاول تعويضها وتبرير أخطائه؟ فلما لم ننقل صورة جيدة عن العالم العربي بوجه عام وبلدنا بشكل خاص؟ لما لم نقدم التاريخ كي يتعلم منه النشء البطولات والقيم الرفيعة؟ لما لم نتكلم عن الاماكن الساحرة في بلدنا؟
لكن يمكن القول ان للكاتب أحقية في الانتقاد بأي صورة ما، وأن يقلد الشباب والمراهقين مشهدًا ما او طريقة ممثل في مشهد من حيث طريقة الكلام فهذا عدم وعي ب دور الفنان في وضع اصبعه على مشكلة ما ومحاولة ايجاد الحلول لها. ولكن لا لا بد من توعية الفنان ببعض الأشياء الهامة كانتقاء الألفاظ وطريقة طرح المشكلة ومعالجتها. وإذا تحدثنا عن رواية “كفارة خروج النساء من السجن”للكاتبة حبيبة محرزي فهي رواية رمزية وقد وفقت الكاتبة في اختيار اسم الرواية إذ نذكر أن كلمة كفارة تعني الغطاء فقد ازاحت تونس الخضراء غطاء وقناع الاحتلال والاستعمار وغشاوة الجهل منذ استقلالها عن الاحتلال الفرنسي عام ١٩٥٦ وأعلنت الجمهورية على يد أول رئيس لها وهو الحبيب بو رقيبة. إلى أن عادت مرة أخرى إلى الظلم والطغيان والفساد في عهد زين بن علي. صراع لكن لم يكن صراع اجتماعي، لم يكن صراع بين الرجل والمرآة، وانما صراع بين تونس التي سُلبت حريتها: تريد أن تنهض، تخرج من الظلمات إلى النور، تُهاجم تسجن تعيش وسط الجهل يريدها ضعيفة ليس لها حق الكلام حق الدفاع عن نفسها فهو الاقوى المتجبر يفرض سلطته وسيطرته وسطوته وهذا ما رأيناه في شخصية غزلان وعبدالهادي. تتمرد ترفض تغضب تحكي تحبس وحيدة تجر من شعرها وهذا ما وجدناه في شخصية حبشية.والأسماء لها دلالات مثل درة وهي البلد تونس الغالية الخضراء الجميلة تمردت نهبوا خيراتها وسلبوا إرادتها وقُتِلت على يد الجماعات الإرهابية المتطرفة. حياة وهي حياة البلد الصامدة وشعبها العزيز الصبور يريدون موتها أو دفنها حية. كما صورت الجماعات الإرهابية المتعصبة المتسببة باللعب بعقول الناس وإغراقهم في الجهل وقتل مشاعرهم وعواطفهم وتبديل أفكارهم ومعتقداتهم. الشاذ الذين يسخرون منه ورموه عدم تقبلهم للاختلاف اختلاف الآراء والرقى والافكار حتى يرفضون الرقي والنهضة والفكر الجديد قتلوا الإبداع والبراءة والرقة تلك التي تتمثل في النساء والاطفال والفتيات.صراع وحروب كل انشغل وترك الطهر والصدق والصفاء والنقاء الذي يمثل ميراث الصغير. أما تمييز الذكر عن الأنثى فهو يمثل العنصرية وعدم المساواة. العودة للماضي أو ما يعرف بفلاش باك فهو العودة للتاريخ والسؤال عن المستقبل اين هو وما مصيره؟
كل هذا مثلته الروائية المبدعة المثيرة للجدل والخلاف والصراع وهذا يدل على نجاح العمل فقد صورته وسردته بإسلوب بسيط واقعي قد يرى البعض أنه اجتماعي نسوي، وقد اتفق مع بعض الذين يقولون أنه درامي وهذا إن دل فإنه يدل على ذكاء الكاتب فقد جسدته بأسلوب يحويه الإثارة والتشويق والانجذاب للإحداث فهو عبارة عن لقطات خاطفة سريعة تشعر أنك تشاهد فيلم سينمائي أو عمل درامي.
وإذ نذكر الشخصيات فلا ننسى او نغفل شخصية رحمة رحمة فهو يرمز للشفقة والمواساة والحنان فتريد مَن يحنو عليها ويخرجها من عتمتها فقد هربت رحمة من القسوة ثم عادت مرة أخرى تحن تعطف وتشفق رغم ما عانته. وجهاد الثورة والتمرد أي الكلمة المسموعة رسالة تصل للحاكم المستبد وداعية للاتحاد والشجاعة والوقوف صف واحد رغم الاختلاف عصبة واحدة قلب واحد بلا عنصرية.