مردوك الشامي
على كفتيّ ميزانٍ، عالقٌ أنا وكل هذه الأزمنةِ المثقوبة بالخذلان والكآبات
إنهم يهيئّون هذا العام لدفن أنيق. كلٌّ يحتفل بموته على طريقته الخاصة،.. كلٌّ يجتهدُ في التعبير بأبلغ الطقوس عن لحظة وداع حاسمة. كم من الأفعال والأقوال والمواقف ستندسُّ في ضريح العام الذي سيكون منصرماً بعد أيام ،.. كم من الأفعال والأقوال والمواقف سنعلقّها على مشجب الوقتِ القادم،.. على “شماعة” العام الوليد! كعادتنا لن نقدم أي اختلاف أو جديد. سنشعل شموعاً عدةً، ثم نطفئها، ثم نهرع إلى مجونٍ مفتعلٍ، وقد نتبادل الأنخاب والقبلات وكلمات عام سعيد،.. ثم حين نصحو في الصباح التالي سنشعر ببعض الدوار
ونتأكد إننا ما زلنا في الدوامة ذاتها،.. جزيرة الكابوس هي ذاتها
ونحن نيام منذ ألف عام، لم نبادر إلى صناعة شمس تليق بأحلامنا،.. ولم نشارك في وليمة الحياة سوى بكثير من النق والنحيب
سنغلق أعيننا في تمام الساعة صفر،.. سنطلق نوارس الأمنيات، بعضنا سيعقد أمالاً كبيرة على الصباح التالي،.. بعضنا سينفض عن روحه عباءة التعب ويسند رأسه إلى خيمة جديدة يتوهم في ظلامها نوراً آخر ينفتح أمام سبيله المسدود في كل الأوقات
عامكم سعيد،.. سأهمس كسواي لكل من ألتقي بهم على الضفة التي تفصل بين نهري الزمن
عامكم سعيد،.. وأتوهّم ضحكةً كرغيفٍ مشتهى،.. وفرحاً كوطنٍ مفقود
عامكم سعيد،.. وأغلق عيني، وفي قرارة ذاتي أتمنى لو ينغلق العالم كله على لحظة عابرة من لذة مُدّعاة ومتوهّمة. أتمنى، لو أن زمناً بأكمله ينكسر فجأة كما ينكسر غلاف بيضة الفصح على “صوص” أصفر لم تدفعه الحياة بعد إلى قاعها الرهيب
عامكم سعيد،..وأغلق عيني بحزمٍ على صورة لوطنٍ يرقد في سرير الالتباسات ، على شوارع مليئة بالتناقض، ومخيمات بلا حدود
وأعانقُ بكثير من اليأس طفلا يشبه الملاك معلقا بين بيتين بلا سقف ولا جدران من نبض والتزام
البشريون جميعاً بلا إستثناء ربما، سيغطّون ليلتها بنوم لذيذ،.. حتى أصحاب البطون الجائعة، سيقتسمون مع أثريائنا أحلامهم،.. الأحلام بلا ثمن،.. ولا تحتاج إلى رخص، ولا إلى تخفيض ضرائب ومزادات علنية،.. هل سمعتم بثري باع أحلامه في مزاد علني،.. أخاف على الفقراء أن يفعلوا ذلك في القريب أخاف أن يأتي وقت نرى فيه الفقراء (يبسطون) أحلامهم على أرصفة الوطن الذي يحلم منذ ألف نوم بصحوة مباركة بلا منغصات ودهاليز وأكياس رمل
ربما اليوم،.. ربما غداً، ربما بعد غد، سيعثر أحدهم على رصيف ما،.. في وطن ما،.. على حلمي أنا معروضاً للبيع،.. أحياناً رغيف الواقع أثمن ألف مرة من لؤلؤة الحلم وحلواه المزيفة
غرفة 19
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن
- الشاعر اللبناني شربل داغر يتوج بجائزة أبو القاسم الشابي عن ديوانه “يغتسل النثر في نهره”
- سأشتري حلمًا بلا ثقوب- قراءة بقلم أ. نهى عاصم
- الأدب الرقمي: أدب جديد أم أسلوب عرض؟- مستقبل النقد الأدبي الرقمي