
زهرة القندول في أسفل الوادي هانئة بعزلتها عن حشرية الشمس…تتباهى رقصاً أمام الريح المتكسرة على سفح صخرة والنرجس البري…تتدلى قناديل الكروم فوق الهضاب بخجل القطاف الآتي قبل اوانه ومواسمه…
يغفو أمنية شقية على أيدي صبية سمراء ملوّحة بعطر الطيون…ولدٌ يصدح بأغنية المواعيد والحصاد على دروب عتيقة منتشية بأقدامه الحرير فوق التراب…
على مرأى من النواطير رسم الصبي على صفحة السماء خربشات غيم وغمام في الافق البعيد… يستكين إلى وحدته مهزوماً من ظلالها الطافح في المكان والتفاصيل…
افترش فوق بساط البحر تأملاته المثقوبة بوجع الارتحال إلى عينيها وسرب سنونو…
على بياض الورق تتسلل انشودة سفر وواحات عمر تتهادى على امتداد الصحاري وجدب الايام..لا يخط القلم سوى عبق الهوى المفتوح على شرفات مزهرة بالياسمين والهمسات الدافئة لخريف عابس وحارس بائس…
لا يتردد القلب في السير إلى نبضها وصحوها رغم اسلاك المنفى وأشواك الفراق المزهوة بالعتب…يناجيها في محراب الأمل أيقونة ويسرد لزائر غريب حكايات لا تندمل عن لعنة مقدسة في حياته…
تسرح الكلمات إلى الشفاه نبيذاً وقبلات مبللة بالندى والصدى…كانا يقطفان من هدأة الليل براعم نشوة على مرأى من قمر فضي يرابض وراء الغابة…تتكوم في احضانه عوالم ساحرة من رواية رومانسية وتتسلق أنفاسه زفرات من الشوق الهادر…
قال لها:”…عطر جسدك المرمري يغسل شهواتي بإيمانك الساطع ويداكِ تُبارك ذاك الوله المتأجج بيننا…الزهور خاشعة بمرورك وحياً على هوامش عمري وقطرات المطر ترسم حبات الماس على وجنتيك…
لا تناشدي الفجر البزوغ قبل أوانه حيث الكروم تصيبها وحشة العزلة بعد رحيلك…
انزوي بنفسي بين حنايا عشبك البري وسحرك الطافح على ملامحي المضطربة بحضورك وغيابك …اترجل عن صهوة عمري إلى ملاذي الآمن بين ضفتي يديكِ الماطرتين على حقولي العطشى وحواسي الذابلة…
أهتدي إلى إسمك منقوشاً على صدر السماء الوارفة بقناديل النجوم وقطعان الغمام…استقي من نهديكِ نسائم روحي الغافية في جسد غزالة أنهكها ذاك الصياد المأجور… تتواضعين بجمالكِ المنسوج بجدائل الشفق وتداعبين الشبق المتمادي حولك بلمسات آلهة وشياطين”…
لم ترد على فيضه العذب سوى بعناق عاصف يكسر كل غياب وسراب بينهما…وهمست في اذنه كلمات تعيد تصويبه عاشقاً خارج قوافل الازمنة ورجلاً سقط سهواً من السماء في مملكتها…عاشقة وإمرأة ونبؤة…وبسمة…