الداودي الخالدي/المغرب
عاد الرعاة في المساء يقودون قطعانهم…ومع اصفرار الغروب تنتابك رغبة في معرفة اذا كان الزمن قدبدأ أم انتهى ..وحدها “شامة” تدرك السر المدفون في قفاطينها المنسوجة ببياض الليالي وسواد الأيام الخوالي..الرعاة الحالمون بجلباب صوفي ايام الشتاء والزمهرير القاسي حين تصطك الأسنان وتجف الأنامل وتبرد الأوصال..ينتعلون احذيتهم البلاستيكية ويحملون معاولهم فوق اكتافهم يخطبون ود الأرض..تمدد على بطنه واصغى بكل جوارحه..انه ينبض…للأرض قلب ينبض كقلبي تماما الحامل لكل وجع السنين وصهد الظهيرة …تراءت له “شامة” تمرر المغزل على ساقها تغزل الصوف….ألم ينته بعد قفطانك يا “شامة”؟؟
الرعاة ينفخون شباباتهم النائحة امجاد الشاوية ورجالات العلوة (الجحيم الدي لا يحرق سوى الأحرار)سبعة اعوام من المجاعة أكلت الناس الجيفة ..وراحوا يحفرون اعماق الأرض عن ‘ايرني والعسلوج’..اقحطت الأرض وماتت البهائم وجاعت الناس..وساحت في ارض الله تبحث عن الخبز..وحين لم تجده تستسلم للموت البارد
…وتشرق الشمس حارة كالعادة ..تصطف الدواب المتعبة جنب الحيطان المبنية بالطوب والتراب..وتسرد أمي” عيشه”سيرة الرجل الدي خطب “شامة”وانها اشترطت ان تقيس عليه القفطان فان كان مقاسه قبلته وان ليس كذلك يبقى خادما في القبيلة حتى يشاء سراحه رجالات العلوة…واستمرت “شامة” في نسج قفاطينها ونسي الناس أو تناسوا ذلك فكبروا وتزوجوا وولدوا وماتوا..ونسيت ا لأجيال ذلك حتى تلبدت السماء بالغيوم وأمطرت ماء باردا…أبتاه ما هذا الذي ينزل من السماء؟؟
حرث الناس وحصدوا وطبخوا الخبز..ماهذا الذي نأكله يا أماه..؟انه مرير.ان اوراق الشجر احلى منه ..؟حقا يا “شامة”….لأنه عجن بذموع شهداء سبع سنين