لا تعاتبيني عن غيابي،
لا تسأليني عن وجهة سفينتي،
مخالب الرياح نالت من أشرعتي
وقدمتها فساتين
لحوريات البحر الثكلى.
لا بوصلة لي،
لا منار يلوح لي بضيائه،
لا نهار يعشيني بضوئه،
ولا يابسة تظهر في الأفق.
حتى الصخور تركت ظلها
وهاجرت حافية القدمين
لم تعد تطق صفع الأمواج
كلما أمرها المد
بالهجوم.
وأصبح البحر يلازم جزره الأخرس.
وهذا اليم….
يسامر الليل
يقطف النجوم
ويقدمها طعما
لأسماكه اليتيمة
التي تنتظر صيادا يتبناها.
وأنا هنا…
أعد أمنياتي الطافية
على سطح الزمن
المخللة بملح الذاكرة.
أجتر خيباتي المتتالية،
وأخبئ في قصيدة حدباء
ما علق من ذكريات
الأمسيات الصاخبة
ألملم شظايا الروح
وأعرف أنشودة الحنين
علني أرمم شقوق
ذاكرتي المشروخة
لأنعم بنغم عالق
في ثنايا وجداني
لا تنتظريني….
لا تنتظريني على شاطئ الأمنيات،
قلبي لم يعد يخفق لشغف اللقاءات.
لساني نسي تعابير الحب،
واكتفى بمذاق الخبز
يتذكره كلما لامس سهوا
شفتي.
وهبت صدري للفراغ يؤثثه
ويعزف على أوتار أوردتي
لحن الغياب،
وأمضي بعيدا
بعيدا
يكتنفني الضباب