أجمل ذكرياتي المدرسية كانت في مدرسة البنات في #آريس تغيّر اسمها طبعا ونسب لشهيد من المنطقة. تلتها ذكرياتي في متوسطة البشير الإبراهيمي العتيقة بنسبة بدأت تقل مع دخول أساتذة من المشرق كانت نظرتهم للبنات دونية وأغلبهم من التيار الاسلامي بأنواعه (شي اخواني، وشي سلفي، وشي وهابي) ومعظمهم أبعد بطريقة مقنّعة من بلده الأصل. لا علينا هذا موضوع آخر
مدرسة البنات كانت تحت إدارة السيدة القديرة وريدة نوري ربي يذكرها بالخير، كانت كل صباح تمر على صفوف التلميذات بجسدها الرّشيق وخفّتها الرائعة وتراقب نظافتنا، كان أي اهمال في نظافة اجسادنا وترتيب هندامنا يعرّضنا للتوبيخ. شخصيا نلت توبيخا مرة لأن مامّا كلتوم (أمي الثانية) غطّست شعري بالزيت فوق العادة،
إلى يومنا هذا ما زلت أشم العطر الجميل المنبعث من السيدة نوري، صوتها أيضا يرن في أذني، وهي تتحدث بفرنسية مبهرة
كل شيء كان تحفة في تلك المدرسة، إلا وجبة الغداء التي كانت لا تعجبني، مقارنة مع أكلات مامّا
أجمل ما في المدرسة أن ساعة الفنون كانت فرصة لإظهار مواهبنا، وكانت فرصة للتحضير لحفلات المدرسة، ومنها حفلة آخر السنة، حيث توزّع الجوائز على النّاجحين، نخرج بعدها ونحن سعداء متأنقون في أبهى حللنا
لكن دعونا نكون صرحاء السيدة نوري وكل من علمنا في تلك الفترة كان خريج مدرسة أخرى غير المدرسة التي أدلجها العرب للجزائر لامتصاصنا، وسحب فرنسا لأساتذتها هي التي كانت تعرف أن التعليم سيغير وجه الشعب الجزائري كله، وستخسر فرنسا خيرات بوابة افريقيا
الموضوع أيضا طويل هنا
لكن قراراتنا العاطفية جعلتنا كنظام جديد دون خبرة نختار الفيلق الخطأ والنتيجة ما ترونه اليوم
زرت مدرستي بعد سنوات طويلة من الغياب وقد كتبت عن ذلك، توجهت مباشرة إلى القسم الذي كنت أدرس فيه، والصدمة كانت حين فتحت الأستاذة برقادي الباب وكانت نفسها من درّستني العربية في آخر سنة فيها، انفجرت دموعي دفعة واحدة …لم أصدق
وكنت اعتقد أن لا أحد من أساتذتي القدماء بقوا فيها، عانقتها وبكيت كثيرا
بالنسبة لي كانت تلك أجمل مدرسة في العالم، بكل إيجابياتها وسلبياتها، كانت عالما يشبه عوالم السينما
في أوقات كثيرة أدندن وحدي أغنية قديمة: يا أمي لاش تبكي عليا ولدك مجنّد في الوطنية … أرددها لأني أحفظها بصوت أستاذي مسعود عثماني كان صوته رائعا وحفر في ذاكرتي مكانا ابديا وهو يحفظنا أغاني وأناشيد لحفلات المدرسة
في تلك المدرسة تعلمت الكروشيه، والاشتغال بالصوف les eguilles , والتطريز وخياطة بعض الأشياء البسيطة
تعرفون جيدا لماذا أكتب لكم هذا الصباح عن الموضوع، ولا أريد الدخول فيه، فقط أريد لكل من يتذكّر استاذا من رعيل أساتذة الزمن الجميل أن يذكره بالخير، ورجاء بلغوا تحياتي للسيدة وريدة نوري، وكل من كان أستاذا على أيامها في المدرسة، ومنهم ابنة عمي جميلة ملكمي التي كانت نموذجا مبهرا يحتذى به في التعليم والنضال والاستقلالية والإبداع بالإبرة والخيط إذ فوق مهنتها كمربية كانت تخيط أغلب ثيابنا الجميلة خاصة فساتين حفلات المدرسة
سلام لك يا أروع جميلة وسلام للغالية وريدة