جعفر ابراهيم
على فرس الحزن أرمح
لا قمحاً ولا مطرْ
والشمس تلامس الرؤس
تشوي الهواء والحجارة والبشرْ
قال الشّجر
هَبْنا من نارك
إنّ الجداول لوّحت من قبلُ
بمناديل السّفرْ
وتَصْفَرُّ الريح
الى أين تفرُّ من حَمأة هذي الجنان
واليمن سعيد ؟
وإنّ اليَمَنَ لسعيد
وكعبة الله تصْرِفُ الحجيج
تحسب العيد في القمر الأول من سَفرْ
هَمَسَت عصفورةُ
ما أضيق هذا المدى
أياتي الربيع على غربة الأغاريد
واحتباس السَحَر ؟
ما أشجى الأغاني
حين يذرفها السّكين
فتصحو الحناجر للفجر
على وأد الوضوء
في رمال الوترْ
وها قلمي
فرح الكئيب
يلوي عنق الحداء
وينقش الأحلام
على عشب القمر
***
بالأمس
كانت غزالتي تسعى
السّعي الرشيق
في فضاء القلب
وفي اليقين من ليلى ذهولي
وكانت تلثم عبير الشهوة
عن مواكب شفتيَّ
وترعى عشب الخمائلِ
في جسد حقولي
وكانت تنام نوم الحمام
على وسائد الهديل
وما أدفأه / كان هديلي
وها اني
أفتقددها الآن
قد طُعنت في خاصرتي
فإلى أيّ ربيع ألتجئ
ولمن أشكو قتيلي ؟
***
كئيبٌ حَدّ الخوف
قلبي وجل الحروب
ورعيلٌ من أرضه القبور
يوسوس في أوصال حرثي
لو عادني الشّتاء
لكنت قد امطرت
ولو أشهدني السّحاب
على البحر
لكنت قد اخصبتُ
كأنّ الدّوالي
فَطَمَتْ على حصرم
حتى عاودني النبيذ حُلُمَ رحيلٍ
وانا
ما إن وُلِدْتُ
حتى سافرت
***
هائلٌ هذا الحزن
وأحمل على كتفيَّ جبلي
كثيفٌ هذا الحزن
الأني عقدت على الفرحِ
أخاف ان تثكلني أمي ؟
مُرّ هذا الحزن
وجراحي تنزف من ماءِ روحي
وإنّه أتشظىَّ وفوح من خرائب الخمائل
يحرق حروفي
وأستتر الآن بصمتي وانكسار جنحي
وألوذ الى من أشرك بي / ويَدُكّ أعمدة صرحي
أيكتب الجراد ميلاد القمح
وأطحن زؤان العمر / لأقرأ خبزي ؟!
جارح هذا الخوف / كأن أضعت الدّرب
وشاخ حدسي
وأنا / أحفر على الشّفاف
صعود جلجلتي
أتراني قد أضعتُ الرّب
ورماني في تيه الكآبة ربي
***
مالح / على مُرٍّ من صبرٍ / جرحي
أمي تشرنت في أوائل الصيف
وعقلت بخرقةٍ بيضاء / سنان رمحي
هجرت قممي الريح
حتى أفلتني الصّبا
ولما ارتكبتُ النّسمات
كُسفت شمسي
يا أم / من أين يأتي هذا الجراد
من الآتي
أم من خرائب أمسي ؟
كئيبة صلاتي
نذيري على باب صومعتي
لا يفارق
ولا يُبلِسُ من فردوسي
كأن توضّأت على اسم اللات
حتى صار وسوسةً همسي
أهذي أبجديّة من رمل
ينقشها الرّباب
على دفاتر وجدي ؟
وعجباً ما أرأف هُبَل
يجعل وسادته رموش الصحراء
ويكتب لهذا الجدب الشاهق
رسائل من قُبل
فما نفع الحداء إذا ما ماتت القوافل
وكيف تعلي الأودية الصلاة
إذا ما فارق الوحي
وخَرَّ الجبل ؟!
***
كئيبٌ
جَهَنَّمَ تخاصر أمي
تراقص السّراب
وترنّم من مزامير اليباب
وتهذي
بما يجعل الوهم أغنيةً
والتّيه سحاب
كئيبٌ انا
تجفّ الأنهار في جسدي
فالدّجلة
تؤوب إياب الثكالى الى وحشة عرينها
والفرات
يُصْهَرُ كالقيد في معصمي
والبردى
يشتعل اشتعال النّدى
في قلبي وأوردتي
وأرى بغداد
قد بُترت سَبّابتها
ودمشق تسافح اليمام
وتلعن أبجدية الهديل
في أوصال قلمي
وأتساءل
كيف يهجر الياسمين الفوح
وكيف يبتلع البحر الصّبا
وكيف تخون المعشوقة عشيقها
وكيف لا تَبَرُّ الأودية بالمطر
وكيف تفرُّ الرّوح من الرّوح
وبغداد أفسدت
ملح جرحي
والشام قد أسلمت للموتِ بوحي ؟
وأناجي
أناجي الله
وأيّ إلهٍ انادي
وهل
لما يزل رب هناك
في عتمةِ بلادي
فيا أمّ
كيف أستعيد مواكب الياسمين
لأشفي بعبقه قروح شتائي
وكيف تعود
كيف تعود الرّوح الى الرّوح
أيا الشام
هلاّ تعودين
تعودين روحاً الى روحي ؟
جعفر ابراهيم
1-10-2014
غرفة 19
- شرياني المُعَتَّق…!!سهيل درويش
- انقطاع التواصل بين الأجيال/ وتحولات الشعرية العربية في الألفية الجديدة”
- إنسـان فيتـروفيـوس- للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي، 1487
- الحياة والمحبة والتعلم: ثلاثية متكاملة
- صرخةُ قلمٍ باحث عن كلماته الضّائعة
- “ظلالٌ مُضاعفةٌ بالعناقات” لنمر سعدي: تمجيدُ الحبِّ واستعاداتُ المُدن