تعودت الترحال بين صفحات التواصل الاجتماعي ، وكذلك يجذبني الندوات والمؤتمرات ، وخصوصا الادبية منها ، وفي كل مرة اضيف الى رصيدي الادبي المتواضع شيء جديد ، او فكرة بقالب مختلف ..
بتجوالي في صفحات التواصل الاجتماعي لفت نظري مصطلح ” قصص قصيرة جدا ” وهي قصص مبنية من بضع كلمات ، تشكل صورة متكاملة في ذهن القارئ او السامع ، وقد تقصر القصة لتكون كلمة واحدة ذات دلالة ، مثال ذلك ؛ ” وا غَزَّتَاه !! ” ، فالقارئ او السامع يملك في ذهنه الصورة ، فتأتي كلمة لتحيي هذه الصورة ، وقد تكون القصة القصيرة جدا من بضع كلمات ، كان تقول : ” طفل يبكي أُمَهُ تحت الرُكام !! ” ..
منذ بضعة اسابيع شدني عنوان ندوة او جلسة في مدينة اربد تحت عنوان ” قصص قصيرة جدا ” للقاص والكاتب محمود مصلح ، سرد خلالها الكثير من القصص القصيرة جدا ، وكان مبدعا في اختياره للكلمات والتصاوير الأدبية ، وكان المحتوى فيه الكثير من الزخم الادبي ، فشد الانتباه ، ولفت النظر الى فن يكاد يكون جديد على الادب أو انه أصبح رائجا في عصر صفحات التواصل الاجتماعي ، او قد يكون كتغريدة على موقع ” اكس ” ، ومما أعطى الندوة جمالية اضافية ، المستوى العالي بإدارة الجلسة عن طريق الأستاذ البارع موسى نعواشي ..

وفي هذا السياق نذهب بعيدا عن القصص القصيرة جدا الى الاشعار القصيرة جدا ، والتي أسميتها انا بدوري ” النبال ” لوجه الشبه بين السهم وهذا النوع من الشعر الموزون الذي ياتي على شكل بيت شعري واحد او بضع تفعيلات متناسقة ، محكمة في البناء والمعنى ، تعطي صورة ذهنية معبرة في خيال القارئ او السامع ، وقد وجدت السيد ابو مهند ابو مهند اكثر من أجاد في هذا الباب ، فله العديد من هذه النبال الموجهه الى تفكير القارئ ، وعندما تواصلت معه باحثا عن إجابة عن سبب قصر المقطوعات الى هذا الحد ، قال : انه يريدها قصيرة رصينة كي لا يملها المتابع ( وهذا ديدن أغلب القراء هذه الايام ) ، وكذلك تكون قوة المقطوعة القصيرة على خيال المتابع كما الرصاصة ، لها وقع قوي ، ومدلول واسع ..
وهنا لا ننسى الناقد والاديب هوازن واصف الصليبي ، الذي له في مجال ” النبال ” ، إن صح التعبير ، التجارب الكثيرة ، جاءت على شكل قصائد قصيرة ، تحمل معنى متزن رصين ، لها وقع مؤثر على الاذن والقلب ، غير ان الاستاذ هوازن يميل الى إعطاء عدة ابيات شعرية مترابطة ، او يزيد بعدد التفعيلات ناشدا بذلك التوضيح وشمولية الصورة الشعرية …
هذان الشكلان من الادب لم أقرأ عنهما بالتحليلات الادبية او كتب الادب كثيرا ، ولربما لانهما لم يكونا من الاشكال الرائجة قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ، وكذلك قد يكون هناك مهتمين كُثر غير الذين ذكرناهم في هذا النص او هذا المنشور .
من يرغب بالاستزادة من الامثلة فليراجع الصفحات والاسماء الواردة في هذا المنشور ..
