على مدى أربعين عاما أستطاع الشاعر العراقي فاضل الكعبي أن يبني صرحاً ساحراً للطفولة عبر أكثر من أربعين كتابا في أدب الأطفال وعشرات المجاميع القصصية والشعرية والأعمال المسرحية ومثلها من القصص والقصائد المفردة التي نشرت في مجلة مجلتي والمزمار والمجلات العربية بما يؤسس لمكتبة عراقية وعربية رصينة تشكل موئلا ً أمينا لأطفالنا في بناء وعيهم وذائقتهم ومستقبلهم.
ومن المعروف لدى المختصين في أدب الطفل إن الكتابة للأطفال تعد من أصعب أشكال الكتابة الأدبية وتشكل للبعض الذي أستسهل دخول عوالمها مأزقا حقيقيا، لكن مبدعنا الكعبي نجح في هذا الامتحان وعمل بمستوى مؤسسة حكومية في هذا المجال مكرساً جهده وثقافته ووعيه الشعري وتجاربه وخزينه المعرفي لهذا الهدف النبيل .
ولعل أهم ما يميز تجربة الأستاذ فاضل الكعبي الذي احتفت به جامعات ودور نشر ومؤسسات طفولة عراقية وعربية أن مؤلفاته تعتمد لغة تتناسب والفئة العمرية لكلّ طفل وهو بذلك يوجه لغة النص وأفكاره وأهدافه حسب خبرات كلّ فئة ، كما أنه يجيد طرق مخاطبة وعي الطفل في مراحل تشكله الأولى وفي مراحل مختلفة وحتى في ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي وصلت للأطفال في مراحلهم العمرية الأولى.
وهو ككاتب محترف فإنه يجيد الاشتغال على الجانب النفسي متسلحاً بمعارف ونظريات علم النفس لتنمية معارف الطفل مستثمراً حب الاستطلاع لدى الطفل وسعي الأخير للحصول على الإجابات التي تدور في ذهنه والتي ينطلق من خلال الأجابة عليها للتعرف علي البيئة بدءاً من البيت والعائلة وحتى حركة الكون الذي يحيط به .
ويسعى المبدع فاضل الكعبي الى تضمين النص الشعري أو القصصي الموجه للأطفال بمظاهر أدبية من صور شعرية جميلة وجاذبة وتناغم لفظي ومعاني جديدة مبتكرة بأقل المفردات وأقصرها مما يسهل على الطفل تلقيها وحفظها، فهو يكثف الرؤية والنص ويرسم صوره الكبيرة بأقل المفردات وبجمل قصيرة سهلة وبما يتلائم مع خزين الطفل اللغوي وإن أضافت له مفردات جديدة.
لقد نجح فاضل الكعبي في الكتابة للطفل وفق اشتراطات الكتابة المنتجة لوعي جيل من الأطفال في مختلف فئاتهم العمرية وكم كنت حريصا على أن احصل على نتاجه عبر المجاميع الشعرية والقصصية وما ينشر في مجلتي والمزمار واضعها في متناول أطفالي لينهلوا منها ما يزيدهم وعياً ومعرفة ويؤسس لبناء شخصياتهم المعرفية.
ولا زلت أتذكر بعضاً من المجاميع الشعرية التي سُعدت بالحصول عليها آنذاك وهي :
– جنة عصفور
– أجنحة الفراشات
– أغنية القطار
– هيا نتعلم ونغني
– أرجوحتي قوس قزح …
أما ما اتذكره من مجموعاته القصصية فكانت:
– الشجرة التي ابتسمت
– مشروع الثعلب والدجاجة
– أبي صياد سمك.
إن المبدع فاضل الكعبي يدرك جيداً أن الطفل كائن ذكي جدا ولذا نجح بالتعامل معه للارتقاء بوعيه فأستحق كل هذا النجاح والانتشار.