ناريمان علوش
الورود لا تحتاج إلى الكلام حتى تحدّثنا عن عطرها وجمالها
إنّ أروع السلوكيّات التي دعتنا إليها فطرتنا الإنسانية، هي تلك التي تحملنا إلى مراقبة الزهور والتعلّم منها كيفية العيش، لأن رؤية الجمال وتنشّق عطره دون الحاجة لأن نسمع نصًّا فصيحًا، يوقظ الوعي ويحفّز الادراك على الالتفات والانتباه إلى مصدر العطر ووجوده
ومن أهم المواعظ الصامتة التي تركت أثرها على وجه من تبع ذبذبات العطر وضوء الجمال وصوت الروح، هي موعظة “بوذا” حين أراد أن يحدّث أرواح الناس من خلال الوردة، فحملها وبدأ بالنظر إليها صامتًا، إلى أن ابتسم أحد الحاضرين بعد مرور دقائق وهو الراهب ماهاكاسيابا معبّرًا بابتسامته عن فهمه لتلك الموعظة الصامتة
إنّ إدراكنا لجمال الورد وعطره لا يحتاج إلى التعلّم ولا المعرفة ولا الوعظ، فهو أمرٌ فطريٌّ يرسم على وجه الروح ابتسامة نقيّة، لن يعرفها إلّا من كانت روحه مستعدّة لذلك، تماما كالراهب ماهاكاسيابا
سيهدينا الوعي الذاتي والعاطفي والذهني إلى كلّ مصادر النور والعطر التي تحيط بنا حتى تلك التي لا تربطنا بها سوى حبال لامرئية وشفافة كالحب، ونعبر الطريق نحوها دون الالتفات إلى القوّة التي تحاول إسقاطنا في بئر مظلمة
يقول “إيكارت تول”
عندما تتأمل شجرة وتراقب سكونها ، تصبح أنت نفسك ساكناً .. سوف تتواصل وترتبط مع الشجرة على مستوى عميق جداً، ستشعر باتّحادك مع أيّ شيء تراقبه من خلال السكون”. ففي التأمّل وعي ونضوج وإدراك وانفتاح على عالمٍ واسعٍ من الرؤى والهدى، ومن يفتح نافذة روحه للحب، حب الذات والآخر، لا يحتاج إلى الكلام ولا الخطابات ولا المواعظ، فوحدهم من يفهون لغة الروح سيدركون طريق النور
أعطِ قلبك المكسور لله وثق أنّ جروحه ستلتئم، وواجه الكره بالحب والكلام الجارح بالصمت، وحتمًا ستنبت في روحك وردةٌ يهتدي إليها كلّ من يفهم لغة العطر والحب